الخامس : الاصول الأربعة المعروفة من الارتكازيات العقلائية يكفي في اعتبارها شرعا عدم وصول الردع ، ولا نحتاج إلى إقامة الدليل على اعتبارها من الكتاب والسنة والإجماع وتطويل الكلام في ذلك ، فإن العقلاء بفطرتهم بعد الفحص عن الحجة واليأس عنها لا يرون أنفسهم ملزمين بشيء فعلا أو تركا ، وهذا هو البراءة المصطلحة ، وإنهم بفطرتهم يرون العلم الإجمالي منجزا في الجملة ، ويعبر عن ذلك في الاصطلاح بالاشتغال والاحتياط ، وعند الدوران بين المحذورين لا يرون أنفسهم ملزمين بشيء منهما بالخصوص ، ويعبر عنه بالتخيير ، ومع اليقين السابق والشك لا حقا تحكم فطرتهم باتباع اليقين السابق ، ويعبر عنه بالاستصحاب ، فيكفي عدم وصول الردع شرعا عن هذه المرتكزات في اعتبارها ولا نحتاج إلى التطويلات ، ولا ريب في تقديم الاستصحاب لديهم على باقي الاصول الثلاثة ، فراجع وتأمل.
السادس : النزاع بين الاصولي والأخباري في الشبهات التحريمية الحكمية صغروي لا أن يكون كبرويا ، لاتفاق الكل على قبح العقاب بلا بيان ، لكون هذه القاعدة من الفطريات العقلائية ، ولكن الأخباري يدعي أن أخبار الاحتياط تصلح للبيانية ، والاصولي يثبت عدم الصلاحية ، فالنزاع صغروي كما لا يخفى.
السابع : عن بعض مشايخنا قدس سرّهم تقسيم الاصول إلى مطلقة ، وتنزيلية ، وإحرازية. والأول كالبراءة ، والثاني كالاستصحاب ، والأخير كأصالة الصحة ـ مثلا ـ ولا بأس بهذا الاصطلاح ، ولكن ليست فيه ثمرة عملية ، لأن الاصول ـ كما يأتي ـ بعضها مقدّم على بعض ، سمّي بهذا الاصطلاح أو لا.
الثامن : مباحث الاصول العملية من علم الاصول ، لصحة وقوعها في طريق الاعتذار ، كما تقدم في أول الكتاب.