ويرد .. أولا : بأن أكثرية الخارج من مجرد الدعوى ، فإن الأحكام الضررية المجعولة بالنسبة إلى الأضرار التي يردها الناس بعضهم على بعض يكون بنسبة العشرة إلى المائة بل أقل.
وثانيا : ما يتوهم الضرر فيه الصدقات الواجبة ، والحج ، والجهاد ، والحدود ، والديات. والاولى ما يحتفظ به المال أو النفس أو كفارة لما فعل ، ولا يسمى ذلك ضررا عرفا ، وكذا الحدود والديات جزاء لما كان ارتكبه ، والحج نظير سائر الأسفار المتعارفة ، فمن سافر إلى بلد لغرض صحيح وانفق مالا في سفره ، لا يقال عرفا إنه تضرر. وأما الجهاد في سبيل الله فإنه من أجلّ المفاخر البشرية ، لا يرضى العاقل بأن يطلق على الشهيد بأنه تضرر ببذل مهجته في سبيل الله. ولا نتوقع مثل هذه الإشكالات مع الأنس بمذاق الشريعة ، وهل يكون من الإنصاف أن تعدّ القوانين الإلهية المتقنة ، التي وضعت لتكميل البشر شخصا ونوعا ، دنيا وآخرة ضررا؟!!
ثم إنه على فرض صدق الضرر عليها يكون المراد بالضرر المنفي ما لم يكن أصل جعله وتشريعه ضرريا لمصالح كثيرة دنيوية واخروية ، بل حصل الضرر بعد الجعل والتشريع لجهات خارجية ، فيكون خروجها حينئذ تخصصا لا تخصيصا حتى يلزم تخصيص الأكثر ، وعلى فرض أن يكون تخصيصا فليس ذلك من التخصيص الأكثر ، لأن المخصص عنوان واحد وهو التكاليف الضررية ، فيصير المحصل أنه «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام إلا التكاليف الضررية لمصالح تغلب على ضرريتها بمراتب كثيرة» ، كما عن شيخنا الأنصاري قدسسره.
وأشكل عليه صاحب الكفاية : بأن النوع الواحد طريق إلى الأفراد الخارجية ، فإذا كانت الأفراد الخارجة عن تحت العام أكثر مما بقي تحته يكون مستهجنا ، سواء كان ذلك بنوع واحد أو بإخراج نفس الأفراد متعددا.