وخامس التشهد وهكذا ، فما يكون الحدّ المشترك بين ذاكرهم وناسيهم ، وأي خطاب يختص بخصوص الذاكر منهم؟! فلا بد حينئذ من تصوير الجامع.
وفيه : أنه يمكن تصوير الجامع بنحو ما مرّ في تصويره في الصحيح والأعم ، فراجع.
ومنها : أن التكليف المتوجه إلى الناسي ليس بعنوان النسيان حتى يلزم المحذور ، بل بالعنوان الملازم له غالبا.
وفيه : أنه مع التفاته إلى الملازمة يلزم المحذور قهرا ، ومع عدم التفاته يصير ملتفتا لا محالة ، فإنه يسأل عن وجه اختصاصه بالخطاب فيلتفت فيعود المحذور أيضا.
فالحق أنه يمكن تصوير تكليف الناسي بما عدا المنسي ، كما مر. وبجعله من صغريات تصوير الجامع بين الصحيح والأعم ، كما عرفت. مع أن الجزئية والتكليف متقوّم في الواقع بالملاك ، والوجوب كاشف عنه ، وسقوط الوجوب لا يستلزم سقوط الملاك ، كما هو معلوم فيصح تكليفه بالبقية ثبوتا ، ويشهد لذلك العرف أيضا.
وأما الثانية ـ أي بحسب دلالة الأدلة الأولية ـ فهي منحصرة في الإطلاق الواقعي النفسي الأمري وتحقق الملاك في البقية المنكشف ، ذلك كله من كثرة اهتمام الشارع بمثل الصلاة ، ومن الأدلة الثانوية التسهيلية الواردة فيها.
واشكل عليه : بأنها ـ لبيا كانت أو لفظية ، وسواء كانت مثل «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» أو غيره ـ كاشفة عن دخل الجزء والشرط في قوام المركّب والمشروط ، ولا يراد منها شيء أزيد من ذلك ، ولا تدل بشيء من الدلالات على وجوب البقية عند عروض النسيان ، بل يكون مقتضاها ما تعارف وارتكز في الأذهان من أن المركّب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه ، والمشروط ينتفي بانتفاء شرطه ، لفرض كونها كاشفة عن الدخل في قوام الذات قيدا وتقيدا.