العقل ما تطابقت عليه آراء العقلاء في معاشهم ومعادهم ، فلا ريب في تصور الشك فيه عندهم ، فيتحقق موضوع الاستصحاب حينئذ في حكم العقل. وكذا في حكم الشرع المستفاد منه.
وثانيا : لا ملازمة بين الشك في حكم العقل وعدم تصوره في حكم الشرع المستفاد منه ، لأن قاعدة الملازمة إنما تدل على تبعية حكم الشرع لحكم العقل ثبوتا في الجملة ، وأما كون موضوعه تابعا لموضوع حكم العقل من كل حيثية وجهة وبقاء أيضا ، فلا دليل عليه بل الظاهر خلافه ، لأن سهولة الشريعة المقدسة وسماحتها تقتضي التسهيل في موضوع حكمه وأوسعيته من موضوع حكم العقل.
الخامس : قد فصل في اعتبار الاستصحاب بين الشك في الرافع فيعتبر ، وبين الشك في المقتضي فلا يعتبر.
فإن كان هذا التفصيل لقصور الإطلاق والعموم عن شمولها ، فهو خلاف الظاهر. وإن كان لوجود مانع في البين فليس ما يصلح للمانعية ، ويأتي ما تعرض له الشيخ قدسسره من استظهار الاختصاص من مادة النقض ، ويأتي الجواب عنه إن شاء الله تعالى.
كما أن التفصيل بين العدميات والوجوديات ، فيعتبر في الاولى دون الثانية لا وجه له أيضا ، فإن الاتفاق على اعتبار جملة من الاصول العدمية ، كعدم القرينة والتخصيص ، والمزاحم ، والسهو والغفلة ونحوها مما اتفق عليها الكل لا ينافي شمول الإطلاق والعموم للوجودية أيضا ، فالمناط تنقيح أصل الكبرى الشاملة للجميع.
بل يجرى في الأعدام الأزلية أيضا ، لعموم ما سيأتي من الدليل وفقد المانع.
والعدم الأزلي عبارة عن العدم السابق على الأشياء مطلقا ، لأن كل موجود