ويرد : بأنه كذلك لو لم يكن قدر متيقن للثلاثة ، من السبب ، والمورد ، والمرتبة في البين ، ومع وجوده يكون القياس مع الفارق ، كما لا يخفى على كل أحد.
ومنها : مقتضى العلم الإجمالي بثبوت التكاليف في جميع موارد الظنون ومراتبها وأسبابها هو التعميم ، مع أنه مقتضى قاعدة الاشتغال بعد العلم باعتبار الظن في الجملة.
ويرد : بانحلال العلم الإجمالي بما هو متيقن الاعتبار في الجهات الثلاث ، ومعه لا موضوع لقاعدة الاشتغال في غير معلوم الاعتبار.
الرابع : قد استشكل في النهي عن الظن القياسي بعد تمامية مقدمات الانسداد من وجهين :
أولهما : أنه قد يصيب الواقع وقد يخطئ ، كسائر الظنون ، فالنهي المطلق عنه ، تفويت للواقع على المكلفين عند الإصابة ، وهو مناف لمقام الشارعية.
ويرد عليه : بأن إصابة الواقع فيه أحيانا مع المفاسد الكثيرة المترتبة عليه من الخير القليل النادر المستلزم للشر الكثير ، وليس بناء العقلاء في مثله الأخذ بالخير القليل النادر والتحمّل للشر الكثير الغالب ، بل ولا يلتفتون إلى مثل هذا الخير القليل أصلا ، ولا فرق في هذا الإشكال بين الكشف والحكومة.
ثانيهما : بناء على الحكومة يكون الظن كالقطع عند العقل فكما لا وجه للنهي عن اتباع القطع ، فكذا الظن الانسدادي بناء عليها ، وقد اشتهر : أن الأحكام العقلية غير قابلة للتخصيص.
ويرد : بأن الحكم العقلي غير القابل للتخصيص منحصر في ما إذا كان العقل الحاكم به محيطا بما له دخل في حكمه جزئية وكلية ، جزء وكلا ، إحاطة واقعية من كل حيثية وجهة ، ومثل هذا العقل منحصر بالعقول المؤيدة بروح القدس ، فإنه يكشف عليهم الواقع فيرونه على ما هو عليه ، وأما سائر العقول