القبيل ، فإن الجهة المشتركة هي النجاسة فقط ، وأما الحدثية فأثرها من المتباينات ، كما لا يخفى.
الثالث من أقسام استصحاب الكلي : ما لا يجري فيه استصحاب الكلي ولا الفرد ، وهو ما إذا علم بحدوث الفرد وعلم بارتفاعه أيضا ولكن شك في حدوث فرد آخر قبل ارتفاعه أو مقارنا له ، أو شك في تبدله بعد الارتفاع إلى فرد آخر مخالف له من حيث المرتبة لا من حيث الذات ، كما إذا علم بحدوث الوجوب وارتفاعه وشك في تبدله إلى الندب وعدمه.
والحق عدم صحة استصحاب الكلي في الجميع لاختلاف القضية المتيقنة مع المشكوكة عرفا ، بل دقة أيضا ، إذ الكلي عين الفرد ، فما علم حدوثه علم بارتفاعه ، وغيره مشكوك الحدوث ، فلا وجه لجريان الاستصحاب في بقاء ما حدث للعلم بالارتفاع ، بل يجري في عدم حدوث ما هو مشكوك الحدوث.
وأما الصورة الأخيرة فالطلب الجامع بين الوجوب والندب ، وإن علم بحدوثه وشك في زواله ، فيصح جريان استصحاب أصل الطلب حينئذ.
لكن فيه .. أولا : أنه لم يثبت كون الوجوب مركبا من الطلب والمنع من الترك ، والندب مركبا منه والترخيص في الترك ، بل هما مرتبتان بسيطتان من الطلب متفاوتتان في الشدة والضعف ، فزوال الوجوب يوجب انعدام تلك المرتبة رأسا ، وتحقق الندب يوجب حدوث مرتبة اخرى.
وثانيا : لا ريب في تباينهما عرفا ، وأدلة الاستصحاب منزلة على العرف ، فتكون هذه الصورة أيضا كغيرها في اختلاف القضية المشكوكة مع المتيقنة.
نعم ، لو كان الوجوب والندب مركبين من الطلب والخصوصية ، وكانت تلك الخصوصية من الحالات العارضة يجري استصحاب أصل الطلب بلا كلام ، ولكنه لا دليل عليه ، كما ثبت في غير المقام.