النجاسة انفعال الملاقي لها ، ولا يحكمون بترتب هذا الأثر في ما إذا علم إجمالا بنجاسة العباء مثلا ، وترددت بين كونها في الطرف الأعلى أو الأسفل ثم تطهر أحد الطرفين ، إذ لا ريب في صحة استصحاب كلي النجاسة بعد ذلك وأثر الاستصحاب نجاسة الملاقي للعباء مع الرطوبة المسرية مع أنهم لا يقولون بها ، لما تقدم من أن الملاقي لأحد أطراف الشبهة المحصورة لا يحكم عليه بالنجاسة ، فلا بد إما من القول بعدم صحة استصحاب كلي النجاسة أو القول بنجاسة الملاقي لأحد أطراف الشبهة المحصورة ، وكل منهما خلاف المعروف بين الفقهاء ، وقد اشتهرت هذه الشبهة بالشبهة العبائية.
قلت : أثر استصحاب كلي النجاسة إنما هو عدم صحة الصلاة في العباء ، وأما انفعال الملاقي فليس أثرا لها ، لتوقف الانفعال على الملاقاة للنجس المتشخص الخارجي ، لما تقدّم في البحث عن الملاقي لأحد أطراف الشبهة المحصورة ، وباستصحاب كلي النجاسة لا تثبت النجاسة في محل خاص أو موضع مخصوص حتى ينفعل الملاقي له ، فالمقتضي لاستصحاب أصل النجاسة موجود والمانع عنه مفقود وأثرها عدم صحة الصلاة ، ولكن لا مقتضى لانفعال الملاقي لتوقفه على الملاقاة للنجاسة الشخصية الخارجية.
ثم إن في الرطوبة الخارجة المرددة بين البول والمني إما أن تكون الحالة السابقة على خروجها الطهارة ، أو لا يعلم بها أصلا ، أو تكون الحدث الأصغر. وفي الأولين يجب الاحتياط بالجمع بين الوضوء والغسل لاستصحاب كلي الحدث ، وفي الأخير يصح الاكتفاء بمجرد الوضوء ، لأصالة بقاء الحدث الأصغر وعدم حدوث الجنابة ، هذا كله إن ثبت الأثر للجهة المشتركة. وأما إذا كانت الأدلة ظاهرة في التنويع ، وإن أثر كل نوع غير أثر النوع الآخر بحيث يرجع إلى المتباينين أو الأقل والأكثر ثبوتا ، فيكون من القسم الثالث الذي يأتي عدم جريان الاستصحاب فيه ، ويمكن أن تكون الرطوبة المرددة بين البول والمني من هذا