أما الأول : فلا ريب في عدم اليقين بالنسبة إلى كل واحد من الطرفين على خلاف اليقين الاستصحابي.
وأما الثاني : فلا ريب في عدم تحققه في الخارج حتى يكون مجرى الاستصحاب ويلزم التناقض بين صدره وذيله ، فإن مجراه هو الفرد الشخصي الخارجي دون المجموع من حيث المجموع الذي ليس إلا أمرا وهميا فقط.
وأما الثالث فلا تحقق له أصلا ، إذ التحقق والوجود مساوق للتشخّص في الجملة ، والمردد من حيث هو لا تشخّص له رأسا. وأما الرابع فهو حق ولكنه ليس مجرى الاستصحاب في شيء حتى يلزم التناقض في دليله ، إذ لا شك فيه مع أنه ليس له أثر عملي لفرض التردد الظاهري هذا.
ولكن يمكن أن يقال : إن التنافي الثبوتي بين جريان الاصول النافية في الأطراف والعلم الإجمالي بالخلاف ، يسري إلى مقام الإثبات أيضا ، لمكان التلازم العرفي بينهما ، كما هو أوضح من أن يخفى. ولعل هذا مراد من قال بلزوم التناقض أيضا أي التنافي بالعرض لا بالذات ، فيصح أن يجمع بهذا بين الكلمات ، فمن ينفيه يريد به ما بالذات ، ومن يثبته يريد ما بالعرض.
فتلخّص مما مرّ : أنه لا نتيجة لدليل الانسداد أصلا ، وعلى فرضها فهي تكون التبعيض في الاحتياط ، لو فرض أن دائرة العلم الإجمالي بالأحكام تكون أوسع من موارد الأمارات ، والقواعد ، والاصول المعتبرة فيعمل حينئذ بالاحتياط حتى يضعف العلم وتصير الأطراف عرفا كالشك البدوي ، فيعمل بالاصول النافية حينئذ. فمن قال بأن النتيجة ـ على فرض التمامية ـ العمل بالاصول النافية. أي بعد ضعف العلم الإجمالي وصيرورة أطرافه كالشك البدوي ، ومن قال بأن النتيجة التبعيض في الاحتياط أي قبل ذلك ، فيصير هذا النزاع أيضا لفظيا بلا ثمرة ، فراجع وتأمل.