قاعدتا التجاوز والفراغ :
القاعدة الفقهية عبارة عن حكم فرعي يتعلّق بالإنسان من حيث الحكم المجعول له شرعا ، ويكون تحتها مسائل كثيرة.
والفرق بينها وبين المسألة الفقهية بالعموم والخصوص وقد يتساويان. ولا مشاحة في الاصطلاح ، وتكون نسبة القاعدة الى المسائل الداخلة تحتها نسبة الكلي إلى الفرد ، وقد تعرضنا لذلك في أول الكتاب ، فراجع. والبحث فيهما من جهات :
الجهة الاولى : هل هما من القواعد التعبّدية المحضة ، أو العقلائية التي كشف عنها الشارع ، كما تكون جملة من القواعد كذلك؟ الحق هو الأخير ، كما لا يخفى على الخبير ، لكونهما من صغريات أصالة عدم السهو والخطأ والغفلة والبقاء على الإرادة الإجمالية الارتكازية الكامنة في النفس عند إرادة إتيان العمل المتدرج الوجود ، وذلك كله مما استقر عليه بناء العقلاء ، وما ورد من الشرع تقرير لذلك ، لا أن يكون تعبّدا محضا.
الجهة الثانية : هل هما قاعدتان مختلفتان ، أو من صغريات كبرى واحدة. وإنما الاختلاف بالحيثية ، أي حيثية لحاظ أثناء العمل ، فتكون قاعدة التجاوز ، أو بعد الفراغ فتكون قاعدة الفراغ؟ الحق هو الأخير. أما بناء على كونهما من أفراد أصالة عدم السهو والغفلة والخطأ فواضح ، وكذا بناء على كونهما تعبديا محضا ، لإطلاق قول أبي جعفر عليهالسلام : «كل ما شك فيه مما قد مضى فامضه كما هو» ، وقول أبي عبد الله عليهالسلام : «كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه ولا إعادة عليك». فإنهما يشملهما معا. وأما قوله عليهالسلام : «إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره وشككت ، فشكك ليس بشيء» فإنما ورد لبيان جريان القاعدة في أثناء العمل أيضا ، كجريانها بعد الفراغ منه وليس في مقام بيان تشريع