يحتمل فيه الخلاف أصلا ، فهو وإن كان مسدودا في غير الضروريات ، والمتواترات ، والمسلّمات الفقهية ، وما استفاضت فيه الإخبار ، أو نقل الإجماع ، وموارد الإجماعات المتحققة. ولكن باب العلمي مفتوح في الأحكام إلى يوم القيامة بلا شبهة فيه ولا كلام هذا.
ولا ريب في صحة المقدمة الثالثة إما للقطع بأن إهمال التكاليف المعلومة بالإجمال مبغوض لدى الشارع ، أو للإجماع القطعي على عدم صحة الإهمال من الإمامية ، بل من المسلمين ، وإما لأن نفس العلم الإجمالي منجز عقلا ، فلا يصح الإهمال لدى العقلاء. وهذه وجوه ثلاثة لتمامية المقدمة الثالثة ، وقد ابتني عليها الكشف والحكومة ، فإن استند البطلان إلى أحد الأولين ، فالنتيجة هي الكشف لكونها تابعة لأخس المقدمات ، ولا ريب في كون كل واحد منهما شرعيا لا عقليا. وإن استند البطلان إلى الأخير تستنتج الحكومة ، لكون جميع المقدمات ـ على فرض تماميتها ـ عقلية. ولكن هذا الابتناء ممنوع ، لأنه بعد تحقق العلم الإجمالي وحكم العقل بعدم صحة الإهمال ، لقاعدة دفع ضرر العقاب المعلوم ، يكون حكم الشرع إرشادا إليه لا محالة ، سواء كان دليله الإجماع القطعي ، أو القطع بالمبغوضية لدى الشارع ، كما في سائر موارد حكم الشرع مع وجود حكم العقل البتي. ولو كان المدرك تمام الوجوه الثلاثة لتعين الحكومة أيضا ، لكفاية حكم العقل للمدركية ، وتكون البقية إرشادا إليه.
ولا ريب في صحة المقدمة الرابعة أيضا ، أما الرجوع إلى العالم فلفرض عدمه ، إذ المفروض انسداد باب العلم والعلمي ، والرجوع إليه يكون من العلمي ، هذا مع إباء نفوس المجتهدين عن الرجوع إلى غيرهم ، بل لا وجه له بالنسبة إليهم ، كما لا يخفى.
وأما الاحتياط فجملة القول فيه : أنه إما تام مخل للنظام ، أو موجب للعسر والحرج ، أو لا يوجب شيئا منهما. والأولان منفيان لدى العقلاء كافة في كيفية