المطلق بعد العلم بالتكاليف ظلم على المنعم وعلى النفس فيرجعان إلى ما مرّ ولا محالة تكون النتيجة الحكومة.
إن قلت : إن مدرك بطلان مطلق الاحتياط هو الإجماع وهو شرعي ، والنتيجة تابعة لأخس المقدمات فيستفاد منه جعل الشارع للظن حجة.
قلت : بطلان الاحتياط المطلق أوضح من أن يتمسك له بالإجماع ، ولا ريب في كونه عقلائيا ، ولو فرض تمامية الإجماع فهو حاصل من المرتكزات العقلائية ، لا أن يكون إجماعا فقهيا معتبرا ، كما لا يخفى.
إن قلت : معنى الحجية هو أن يكون الشيء تخصص به العمومات أو تقيد به المطلقات ، ويعمل به كسائر الحجج المعتبرة. والظن بناء على الحكومة ليس كذلك ، لأن معناه ـ كما مرّ ـ كفاية الامتثال الظني ، وليس هذا من الحجية في شيء ، بل يكون مثل كفاية الاحتياط في الامتثال.
قلت : الحجة عند العقلاء ، ما يصح أن يحتج بها العبد لدى المولى ؛ مع أن من مقدماته العلم بالأحكام وهو حجة بالذات ، ولا ريب في إطلاقها بهذا المعنى على الظن بناء على الحكومة ، فلا محذور في أن يخصص به عام أو يقيد به مطلق. هذا مع أن الحجية إنما هي لأجل الطريقية للامتثال ولا موضوعية فيها بوجه ، وهو الأصل الذي لا بد وأن يعتنى ويهتم به ، فلا ثمرة عملية في هذا البحث بل ولا علمية معتنى بها وإن اطيل الكلام فيه.
الثالث : هل النتيجة كلية ـ بمعنى اعتبار الظن من أي سبب حصل وفي أي مورد ، وبأي مرتبة كان ـ أو هي مهملة ويحتاج في التعميم إلى دليل آخر فيكون دليل الانسداد على فرض التمامية جزء الدليل لا تمامه؟
الحق هو الأول إلا مع القرينة على الخلاف ، لأن مقتضى طبع الاستدلال على شيء أن يكون وافيا بحدود المدلول وقيوده مطلقا ، وذلك مقتضى السيرة العقلائية أيضا في استدلالاتهم في علومهم ومحاوراتهم ، والإجمال والإهمال