الأول : ما إذا كان المستصحب جزئيا خارجيا ، موضوعيا كان أو حكميا ، فكما يصح استصحاب نفس الجزئي يصح استصحاب الكلي المتحد معه وجودا ، فمن بال ثم شك في أنه توضأ أو لا ، يصح استصحاب الحدث الجزئي الخارجي البولي ، كما يصح استصحاب كلي الحدث أيضا. لأن كلا منهما عين الآخر وجودا وإن اختلفا مفهوما.
الثاني : ما يجري فيه استصحاب الكلي دون استصحاب الفرد والجزئي ، وهو ما إذا لم يكن المستصحب متشخصا خارجا ، بل كان بحسب حدوثه مرددا بين فردين ولم يعلم أن ما حدث في الخارج أي منهما ، كالرطوبة الحادثة المرددة بين البول والمني ، وكما في موارد العلم الإجمالي عند ارتفاع أحد الطرفين ، فالاستصحاب في هذا القسم إن أجري في الشخص والجزئي الخارجي من حيث إنه كذلك ، فلا وجه له ، لعدم اليقين السابق بحدوث الجزئي متشخصا بالبولية أو المنوية ، وإن أجري في المردد بين الفردين من حيث الترديد فلا وجه له أيضا ، لأن المردد من حيث هو كذلك لا تحقق له خارجا بل ولا ذهنا أيضا ، وإنما هو من المفروض العقلية ، كفرض الممتنعات ، لأن التحقق مطلقا مساوق للتشخص ، ـ كما ثبت في محله ـ وما لا تحقق له أصلا كيف يتعلق اليقين به ، ولو فرض صحة تعلقه به ذهنا لا ينفع لجريان الاستصحاب أيضا ، لأنه لا بد فيه من تحقق موضوع الأثر الشرعي تحققا خارجيا ، ولا يكفي التحقق الفرضي ، فينحصر الاستصحاب الصحيح في استصحاب كلي الحدث ، للعلم بتحققه إما في ضمن الفرد الأصغر ، أو الأكبر ، فحدوث كلي الحدث معلوم بلا كلام وبعد الوضوء يشك في ارتفاعه فيستصحب بقاءه ، فيجب عليه الغسل أيضا ، فالمقتضي لجريان الاستصحاب في الكلي موجود والمانع عنه مفقود فتجري لا محالة.
إن قلت : لا مجرى لاستصحاب الكلي أيضا لعدم اليقين السابق ، بالنسبة