ثبوته في صورة الجهل أيضا ، وعلى فرض الثبوت فهي مغلوبة بالمصلحة التفضلية ، ولا أثر للمفسدة المغلوبة لدى العرف والعقلاء.
إن قلت : هل تحدث المفسدة في الأمارات القائمة على الحرمة بناء على السببية الصحيحة؟
قلت : نعم ، ولكن مفسدة طريقية ، فإن أصابت الواقع فهو المنجز ، وإن أخطأت فلا مفسدة على المكلف في الواقع ، ولكنه محكوم بها ظاهرا لغلبة إصابة الأمارات للواقع.
ثم إن غاية ما يمكن الالتزام به من حدوث المصلحة إنما هو في ما لم ينكشف الخلاف ، وأما معه فمقتضى الارتكازات عدمه ، كما لا يخفى.
وهنا احتمال آخر ، وهو إسقاط الشارع للواقع خطابا وملاكا لمصالح شتى ، كما في موارد التقية على ما احتمله جمع ، وموارد الضرر والاضطرار التي يعبّر عنها بالواقعية الثانوية ، فاستشكلوا في إجزاء الإتيان بالواقع في هذه الموارد ، فتكون موارد الاضطرار والاختيار ـ كالسفر والحضر بالنسبة إلى صوم شهر رمضان ـ من تبدل الموضوع الموجب لتبدل الحكم.
ومن ذلك كله ظهر أنه لا وجه لتوهم التخيير بين مورد الأمارات والواقع بناء على الموضوعية ووجود المصلحة فيه ، لأن التخيير إنما هو في ما إذا كانت المصلحة في كل واحد من الطرفين أو الأطراف واقعية دائمية ، والمقام ليس كذلك ، مع أنه إنما يتحقق فيما إذا كان الطرفان أو الأطراف عرضية لا طولية.
الرابع : مما استدل به على امتناع التعبّد بغير العلم : اجتماع المثلين إن كان مفادها مثل الواقع ، والضدين إن كان ضده.
وفيه : أنه لا وجه لهذا الإشكال بناء على جعل الطريقية المحضة ، إذ لا حكم حينئذ في مورد الأمارات ، بل هو منحصر بالواقع فقط ، فمع الإصابة يكون الحكم واحدا ، وهو الحكم الواقعي ، فلا موضوع لاجتماع المثلين مع الإصابة ،