لأن موضوعه الاثنينية وهي مفقودة في البين ، وكذا مع الخطأ ، إذ لم يجعل الحكم في مورد الأمارة بناء على جعل الطريقية المحضة ، وما يستفاد من موردها في صورة الخطأ إنما هو توهم الحكم لا حقيقية ، ولا مضادة بين حقيقة شيء وتوهم الخلاف فيه مع الجهل بواقعه ، كما إذا كان لون شيء أسودا مثلا ، وتوهم الشخص أنه أبيض ، أو أخبر شخص أنه أبيض ، وليس لأحد أن يتوهم أن هذه الموارد من اجتماع الضدين ، هذا إذا لم يصدر حكم الضد عن المعصوم عليهالسلام. وأما إذا صدر منه عليهالسلام فإما أن يكون لأجل التقية أو لأجل مصلحة اخرى ، فلا ضدية في البين لاختلاف الموضوع ، لأن موضوع الحكم الواقعي إنما هو الواقع بما هو واقع ، وموضوع ما قاله المعصوم عليهالسلام إنما هو ملاحظة المصالح الظاهرية ، وهما موضوعان متغايران فينتفي موضوع التضاد ، لاشتراط التضاد المحال بوحدة الموضوع كما برهن في محله ، وقد تقدم احتمال سقوط الواقع بتبدل الموضوع في هذه الموارد ، فلا اثنينية في البين حتى يتحقق اجتماع المثلين أو الضدين ، بل لا ريب في تغاير الحكم الواقعي والظاهري مطلقا تغايرا يكفي في دفع المحذور ، لأن الأول إنما هو فعل الشارع وقائم بذاته الأقدس ، وهو البعث بداعي الانبعاث والزجر بداعي الانزجار وإتمام الحجة من قبل الشارع. والثاني إنما هو التسهيل على الناس والتيسير عليهم ، وهما موضوعان متغايران يكفي تغايرهما في دفع المحذور على فرض جعل الحكم في مورد الأمارات ، هذا مع أن المثلين والضدين على ما عرّفا في محله : أمران وجوديان لا يجتمعان في محل واحد ، والأحكام اعتباريات عقلائية وليست من الموجودات الخارجية فلا وجه لاجتماع المثلين أو الضدين بالنسبة إليها أصلا ، فتكون مثليّتها اعتبارية بضم اعتبار خاص إلى آخر فيفيد التأكيد لا محالة.
كما لا وجه لاجتماع الضدين ، لأن موردهما الوجوديات لا الأمور الاعتبارية التي لا وجود لها.