الامتثالات ويرون ذلك منكرا ، بل يلومون من احتاط بما يوجب العسر والحرج فضلا عما أوجب اختلال النظام ، ويكفي في ذلك عدم بلوغ الردع في الشريعة فكيف بالأدلة الكثيرة الدالة على أنه لا حرج في الدين ، وإنه سمحة سهلة. وقد لاحظ الشارع الأقدس في جعله للأحكام قدرة الضعفة ، لا سيما الشريعة الختمية المبنية على بيان المعارف والأحكام ونشرها وتعليمها وتعلمها والتفقه فيها ، وقد جرت سيرة الرواة ومن بعدهم في كل طبقة على تبويبها وتفصيلها جزئية وكلية واهتموا بذلك نهاية الاهتمام في كل عصر ، وذلك كله يلازم سقوط الاحتياط الموجب للعسر في كيفية الامتثال فكيف بما إذا كان مخلا للنظام.
والحاصل : أن الامتثال الحرجي خلاف الطريقة العقلائية ، فيكون خلاف الطريقة الشرعية أيضا إلا مع التنصيص على الجواز ، فكيف بالتصريح بالمنع.
وقال صاحب الكفاية : «إن أدلة نفي الحرج إنما تنفي الجعل الحرجي» ، يعني لا يتعلّق جعل للشارع بالتكليف الحرجي ، ولا تشمل الحرج الحاصل من ناحية الامتثال ، لأنه لم يحصل من طرف الشارع.
ويرد عليه .. أولا : أنه لا حرج في الدين مطلقا ، سواء كان في جعل أصل التكليف ، أو في امتثاله لعموم دليل نفيه الشامل لهما معا ، ويدلّ عليه صحيح ابن سنان حيث جعل عليهالسلام فيه الابتلاء بالوسوسة في الوضوء من الشيطان.
وثانيا : بأن الامتثال الحرجي ـ خلاف الطريقة العقلائية ـ يكفي عدم ثبوت الردع فيه شرعا ، فلا تصل النوبة إلى البحث عن أن دليل نفي الحرج هل له الحكومة بالنسبة إلى الامتثال الحرجي أيضا أو لا. هذا كله مضافا إلى ما يأتي من عدم تنجز هذا العلم الإجمالي أصلا.
هذه خلاصة الكلام في الاحتياط المخل للنظام ، أو الموجب للعسر والحرج على الأنام.
وأما ما لا يوجبهما : فجملة القول فيه أنه لا دليل على وجوبه أصلا ، لأن