إن قلت : إن ظاهر السؤال يدل على الاختصاص ، فهو مثل ما إذا قيل : أي المسجدين أحب لك ، فقلت : ما كان الاجتماع فيه أكثر. وأي الرمانتين أحب إليك ، فقلت : ما كان أكبر ، فلا يستفاد من الأول محبوبية كل ما كان الاجتماع فيه أكثر ، مثل السوق والخان ونحوهما ، ولا يستفاد من الثاني كل ما كان أكبر مثل الحجارة ونحوها.
قلت : هذا وإن ذكره الشيخ قدسسره لكنه ليس بوارد ، للفرق بين المثال وما نحن فيه ، وذلك لأن اعتبار الشهرات الثلاث إنما هو لأجل كون كل واحدة منها منشأ للوثوق بالصدور ، وهي الجهة الجامعة القريبة بين الثلاثة ، فتوجب الانتقال من إحداها إلى الاخرى لهذه الجهة القريبة ، بخلاف المثالين ونحوهما ، إذ ليس بين كثرة الاجتماع في المسجد للعبادية وفي السوق لأمر آخر جامع قريب ، فلا ينتقل العرف من إحداها إلى الاخرى ، وكذا الأكبرية في الرمان لأجل كثرة الاستفادة بخلاف المثال ، فليس بين كثرة الاجتماع في المسجد وكثرة الاجتماع في السوق ونحوه جهة جامعة قريبة ، إذ الاجتماع في المسجد للعبادة وفي السوق لأمر آخر ، فلا ينتقل العرف من إحداها إلى الاخرى ، وكذا الأكبرية في الرمان لأجل كثرة الاستفادة بخلاف الأكبرية في غيره ، فقياس المقام بالمثالين باطل جدا.
وقد أورد شيخنا المحقق النائيني قدسسره على المقام بأن قوله عليهالسلام : «فإن المجمع عليه لا ريب فيه» ، يعني أن المشهور لا ريب فيه بالنسبة إلى الشاذ ، فيكون المقصود به عدم الريب بالإضافة ، لا عدم الريب الحقيقي ، ولو تعدينا عن الشهرة الروايتية إلى غيرها يلزم التعدي إلى اعتبار كل ما لا ريب فيه بالإضافة إلى غيره ، كما إذا كان قول المحققين والشهيدين قدسسره مما لا ريب فيه بالنسبة إلى أقوال سائر الفقهاء مثلا ، فيلزم حينئذ حجية قولهم في مقابل أقوال سائر الفقهاء وهو بمكان من الفساد.