قاعدة التجاوز ، فهو غير معمول به لعدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء. وإن كان المرجع غير الوضوء من سائر الحالات حتى يكون من قاعدة الفراغ ، فالكلام فيه عين ما تقدم آنفا. هذا بعض الكلام في قاعدة الفراغ ، وقد تعرضنا لبعضه الآخر في كتاب (مهذب الأحكام).
وأما التجاوز : فلا ريب في أن المناط فيه التجاوز عن محل المشكوك فيه لا نفسه ، إذ مع الشك فيه كيف يعقل التجاوز عنه ، وحينئذ فإن كانت القاعدة من صغريات أصالة عدم السهو والغفلة ، وأصالة البقاء على الإرادة الإجمالية الارتكازية ، فلا وجه لاعتبار الدخول في الغير ، لأن في الامور التدريجية تكشف إرادة الدخول في الجزء اللاحق عن تحقق الجزء السابق عليه بأصالة عدم السهو المعتبر عند العقلاء. وإن كانت القاعدة تعبّدية محضة ، فيعتبر الدخول في الغير ، لظاهر الروايات ، ولكن لا بدّ وأن يبحث في أن لنفس الدخول في الغير من حيث هو موضوعية خاصة ، أو يكون طريقا وكاشفا عن مضي المحل. يمكن تقريب الأخير ، بأن مقتضى المرتكزات كفاية إرادة الدخول في الغير في الكشف عن تجاوز المحل.
وبعبارة اخرى : تارة : يكون بانيا ومريدا لإتيان الجزء اللاحق.
واخرى : يكون بانيا على العدم.
وثالثة : يتردد. ومتعارف الناس في الصورة الأولى لا يعتنون بالشك في إتيان الجزء السابق ، وقد وردت الأخبار على طبق ذلك أيضا ، وفي الصورتين الأخيرتين يعتنون بالشك ، وحيث أن نفس الإرادة الإجمالية للدخول في الغير غير ملتفت إليها تفصيلا بحسب الغالب ، وطريق إحرازها تحقق الدخول في الغير خارجا ، ذكر اعتبار الدخول في الغير في الروايات من هذه الجهة لا لموضوعية خاصة فيه ، فيكفي مجرد إرادة الدخول في الغير في الكشف عن تحقق المراد السابق عليه بحسب الارتكازات ، وعدم إحراز اعتبار الموضوعية المحضة في اعتبار الدخول في الغير يكفي في عدم الجزم باعتبار الموضوعية