ولعدم المنافاة بين كون شيء ملكا لشخص سابقا ولآخر فعلا ، بل ذلك غالبي الوقوع ، كما هو واضح.
الثالث : لو أقرّ ذو اليد بأن ما في يده كان لمورّثه ، فثبوت موت المورث وثبوت وارثيته يؤكده ، ولا ينافي مثل هذا الإقرار استيلائه على ما في يده ، ولا وجه لطلب الحاكم البينة منه أصلا ، وعليه فيكون طلب أبي بكر البينة من الصديقة الطاهرة عليهاالسلام إن كان لإثبات موت النبي صلىاللهعليهوآله ، أو لأجل أن الصديقة الطاهرة بنته ، فهو مما يقبحه عوام المسلمين فضلا عن خواصهم. وإن كان لأجل أن يد الوارث لا تدل على ملكية ما انتقل إليه من مورّثه فهو خلاف إجماع المسلمين بل سيرة العقلاء كافة ، فلا بد لأبي بكر في منع الصديقة عن فدك من إثبات أحد أمرين : إما عدم موت النبي صلىاللهعليهوآله ، وإما حديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ...».
والأول مخالف للوجدان ، وما هو معلوم بين النساء والصبيان.
والثاني مخالف للقرآن وسيرة الأنبياء السابقين بل العقلاء أجمعين ، هذا إن كانت دعوى الصديقة عليهاالسلام أن فدك قد انتقلت إليها بالإرث ، وإن ادعت أنها كانت نحلة من رسول الله صلىاللهعليهوآله لها. أو من الله تعالى ، كما يظهر من بعض الأخبار ، فمقام قداسة الصديقة الطاهرة ، وعدم المعارض لها في هذه الدعوى من أحد من المسلمين ولا غيرهم ، وكون فدك في يدها يدلّ على أنها عليهاالسلام مالكة لفدك ، فلا وجه لانتزاعها منها.
وما يتوهم : من أن المعارض لها أبو بكر وهو وليّ المسلمين ، فلا وجه لكون دعواها بلا معارض.
مردود : بأنه لا بد لأبي بكر حينئذ من ردّ دعواها بمقام ولايته ، لا بحديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث» والمسألة مذكورة مفصلا في كتب الكلام والتواريخ من الفريقين.