القطع على نحو الإطلاق.
ومنها : ما اصطلح عليه في الاصول ، وهو ما يكون واسطة في الإثبات شرعا ، كالأدلة الاجتهادية والقواعد المعتبرة التي نثبت بها الأحكام ، وكالبيّنة وقول ذي اليد ونحوهما مما تثبت به موضوعاتها ، فكل ما يكون معتبرا شرعا تأسيسا أو إمضاء ويثبت به حكم أو موضوعه ، تطلق عليه الحجة باصطلاح الاصول.
والظاهر عدم الاختصاص لها بالاصول حتى تكون اصطلاحا خاصا فيه ، لأن الواسطة في الإثبات شائعة في جميع العلوم ، فكل ما يكون منشأ لإثبات مورده عقلا أو عرفا أو شرعا ، يسمى دليلا وحجة ، وواسطة في الإثبات.
وعن جمع منهم شيخنا المحقق النائيني قدسسره : عدم صحة إطلاق الحجة على القطع بهذا المعنى أيضا ، لعدم كونه واسطة في الإثبات شرعا ، لما قالوا من أن اعتباره عقلي ولا يمكن الجعل الشرعي بالنسبة إليه.
ويرد عليه : ما تقدم من إمكان تعلّق الجعل الشرعي به ولو على نحو الإمضاء ، وسيأتي أن حجية جلّ الحجج الشرعية ـ لو لا كلها ـ إمضائية ولو بنحو عدم ثبوت الردع ، فليكن القطع أيضا كذلك ، بل يصح إطلاق الحجة بهذا المعنى على الاصول العملية أيضا ، لكونها واسطة لإثبات متعلّقاتها في الجملة ، فيقال : هذا مما قامت عليه أصالة البراءة ، وكل ما قامت عليه أصالة البراءة لا إلزام بالنسبة إليه ، فهذا لا إلزام بالنسبة إليه ، وكذا في سائر الاصول العملية ، ولا فرق فيه بين كونها اصولا عقلائية ممضاة شرعا ، ـ كما اخترناه على ما سيأتي في محله ـ أو كانت اصولا شرعية ، كما يظهر عن جمع.
ويصح إطلاق الحجة بهذا المعنى ـ أي بالاصطلاح الاصولي ـ على القطع أيضا ، فيقال بالنسبة إلى الموضوعات : هذا خمر ، لأني أقطع بخمريته ، وبالنسبة إلى الأحكام هذا صحيح ، لأني أقطع بصحته ، وفي جملة من كلمات الفقهاء هذا