والباطل ، فلا ينقض به ما قد قطع عليه وحكم بصحته شرعا.
وما أورده في نهايته رحمهالله ، خبر واحد ، لا يوجب علما ولا عملا ، ذكره في استبصاره (١) ، وأورد خبرا آخر ، وتأوّله ، والخبر الذي أورده ليقضي به ، على ما اختلف عليه من الأخبار ، ليس فيه أنّهما رجعا جميعا ، أعني الشاهدين على ما أورده في نهايته ، بل فيه : وأكذب نفسه أحد الشاهدين ، فإذا كان هذا الاختلاف والتأويل في الخبر ، ولا إجماع معنا ، ولا كتاب الله سبحانه ، ولا أخبار متواترة ، ولا سنة مقطوع بها ، بل إجماعنا منعقد على ما قررناه ، من أن الحاكم لا ينقض حكمه إذا حكم برجوع الشهود ، فلا يعدل عن الدليل إلى غيره ، لأنّه حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي.
فإن شهدا بسرقة ، فقطع المشهود عليه ثم رجعا ، ألزما دية يد المقطوع ، فإن رجع أحدهما ، الزم نصف دية يده ، هذا إذا قالا : وهمنا في الشهادة ، فإن قالا : تعمدنا ، قطع يد واحد منهما بيد المقطوع ، وأدّى الآخر نصف دية اليد على المقطوع الثاني ، وإن أراد المقطوع الأوّل المشهود عليه ، أن يقطعهما ، قطعهما ، وأدّى إليهما دية يد واحدة ، يتقاسمان بها بينهما على السواء.
وكذلك إن شهدا على رجل بدين ، ثمّ رجعا ، ألزما مقدار ما شهدا به ، فإن رجع أحدهما ، ألزم بمقدار ما يصيبه من الشهادة ، وهو النصف.
ومتى شهدا على رجل ، ثم رجعا قبل أن يحكم الحاكم ، طرحت شهادتهما ، ولم يلزما شيئا ، بل يتوقف الحاكم عن إنفاذ الحكم ، وإن كان رجوعهما بعد حكم الحاكم ، غرّما ما شهدا به ، سواء كان الشيء قائما بعينه ، أو لم يكن كذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : غرما ما شهدا به ، إذا لم يكن الشيء قائما بعينه ، فإن كان الشيء قائما بعينه ، ردّ على صاحبه ، ولم يلزما شيئا (٢).
__________________
(١) الإستبصار : الباب ٢١ من كتاب القضايا والأحكام.
(٢) النهاية : باب شهادة الزور.