البيّنة ، وحلف عليه ، فإن امتنع عن اليمين ، انصرف ، ولم يكن له في ظاهر الحكم شيء ، ولم تنفعه بينته ، ولم يلزم الورثة اليمين ، لأنّه ما ادّعى عليهم شيئا ، فإن ادّعى عليهم العلم بذلك ، لزمهم أن يحلفوا أنّهم لا يعلمون أنّ له حقا على ميّتهم.
فإن لم يكن للمدّعي على الميت ، إلا شاهد واحد ، وكان عدلا ، لزم المدّعي أيضا اليمين معه ، لأنّ الشاهد واليمين عندنا في المال جائز ، ولا يلزمه يمين أخرى ، لأنّ يمينه تأتي على أنّ له ذلك المال حقا ، وليس لنا على يمين واحدة ، وحكم واحد ، من حالف واحد ، يمينان ، والأصل براءة الذمّة ، وقد يشتبه هذا الحكم على كثير من أصحابنا ، حتى سمعت جماعة يسألون عنه.
ومتى لم يخلف الميّت شيئا ، لم يلزم الورثة قضاء الدين عنه بحال ، فإن تبرع منهم إنسان بالقضاء عنه ، كان له بذلك ، الأجر والثواب إن كان المقضي عنه معتقدا للحق ، ويجوز أن يكون ذلك القضاء ممّا يحتسب به من مال الزكاة ، إذا كان قد أنفقه في الطاعات ، أو المباحات ، على ما شرحناه فيما مضى ، سواء كان الميّت ممن يجبر القاضي للدين على نفقته ، أو ممن لا يجبر.
ومتى أقرّ بعض الورثة بالدين ، لزمه في حصّته بمقدار ما يصيبه من أصل التركة ، على ما رواه بعض أصحابنا ، فإن شهد نفسان منهم ، وكانا عدلين مرضيين ، أجيزت شهادتهما على باقي الورثة ، واستوفي الدين من جميع الورثة بعد يمين المدعي على ما قدمناه ، وكذلك إن شهد منهم واحد ، وكان مرضيا عدلا في ديانته.
وشيخنا أبو جعفر ، ما ذكر (١) في نهايته إلا ان قال : فإن شهد نفسان منهم (٢) ولم يذكر الواحد.
وذكر في مسائل الخلاف ، في الجزء الثالث ما قلناه من شهادة الواحد المرضي ، لأنّ أصول مذهبنا تقضي بذلك ، وهو أنّ الشاهد واليمين ماضية في
__________________
(١) له : ما ذكره.
(٢) النهاية : باب قضاء الدين عن الميت.