ذلك حتى تضع ما في بطنها (١).
قال محمّد بن إدريس : لا أرى لمنعه وجها ، ولا مانعا يمنع منه ، من كتاب ، ولا سنّة متواترة ، ولا إجماع منعقد ، والأصل الصحّة ، والمنع يحتاج إلى دليل ، مع قوله تعالى ( فَإِنْ طَلَّقَها ) و ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ ) وغير ذلك من عمومات آيات الطلاق ، وانّما هو خبر واحد ، أورده في نهايته إيرادا ، لا اعتقادا ، وقد بيّنا ما في أخبار الآحاد.
فإن أراد طلاقها للعدة واقعها ، ثمّ يطلّقها بعد المواقعة ، فإذا فعل ذلك ، فقد بانت منه بتطليقتين ، وهو أملك برجعتها ، فإن راجعها وأراد طلاقها ثالثة ، واقعها ثمّ يطلّقها ، فإذا طلّقها الثالثة ، لم تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره.
ولا يجوز لها أن تتزوج حتى تضع ما في بطنها ، فإن كانت حاملا باثنين ، فإنّها لا تبين من الرجل إلا بعد وضع الأخير منهما ، لقوله تعالى ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (٢) فإذا وضعت الأول ، ما وضعت حملها جميعه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : فإن كانت حاملا باثنين ، فإنّها تبين من الرجل عند وضعها الأوّل ، ولا تحل للأزواج حتى تضع جميع ما في بطنها (٣).
وهذا قول عجيب ، لأنّه لو كانت قد بانت من الرجل بوضعها الأول ، وانقضت العدّة ، لحلّت للأزواج ، فلو لم تكن بعد في العدّة ، لما كان التزويج محظورا ، ولا انتظار وضع جميع ما في بطنها معتبرا في تحليل العقد عليها لغيره.
إلا أنّ شيخنا أبا جعفر رجع عمّا ذكره في نهايته ، في الجزء الثالث من مسائل خلافه ، فقال : مسألة ، إذا طلّقها وهي حامل ، فولدت توأمين بينهما أقلّ من ستة أشهر ، فإنّ عدّتها لا تنقضي حتى تضع الثاني منهما ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، ومالك ، والشافعي ، وعامة أهل العلم ، وقال عكرمة : ينقضي عدّتها بوضع الأول ، وقد روى أصحابنا أنّها تبين بوضع الأول ، غير أنّها لا تحلّ
__________________
(١) و (٣) النهاية : كتاب الطلاق ، باب العدد.
(٢) الطلاق : ٤.