والأولى أن يقال : لا يلزم الواطئ لها شيئا ، سوى الحدّ الذي ذكرناه ، على ما صوّرناه ، إلا أن تكون بكرا ، فيأخذ عذرتها ، فيلزمه ما بين قيمتها بكرا ، أو غير بكر ، ويسقط عنه ما يخصّه من ذلك ، ويستحق الباقي باقي الشركاء ، فأمّا إن كانت غير بكر ، فلا يلزم ذلك ، هذا إذا لم يحبلها ، فأمّا إذا أحبلها بولد ، فإنّه يغرم ثمنها الذي تساوى يوم جنايته عليها ، وثمن ولدها يوم يسقط حيا ، إن لو كان عبدا ويسقط من ذلك بمقدار حصّته من الثمنين ، فإن كانت بكرا ، فعلى ما تقدّم القول فيها ، لا يختلف الحكم.
فهذا تحرير هذه الفتيا ، على ما تقتضيه أصول المذهب المقررة ، ولا يلتفت إلى أخبار الآحاد ، لأنّها لا توجب علما ولا عملا ، ولا تترك لها الأدلة الظاهرة ، والبراهين الواضحة الزاهرة.
والمملوكان إذا كانا مأذونين لهما في التجارة ، فاشترى كلّ واحد منهما صاحبه من مولاه ، فكلّ من سبق منهما بالبيع ، كان له البيع ، وكان الآخر مملوكا له ، وإن اتفق ان يكون العقدان (١) في حالة واحدة ، كان العقد باطلا.
وقد روي أنّه يقرع بينهما ، فمن خرج اسمه كان البيع له ، ويكون الآخر مملوكه (٢).
وهذه الرواية لا يمكن المصير إليها ، لأنّ القرعة تستعمل في الأشياء التي يجوز وقوع الصحة فيها ، وصحة أحدهما ، وبطلان الحكم الآخر ، وهذا السؤال مبني على أنّه وقع العقد في حالة واحدة ، وتحقق وتيقن ذلك.
وقد روي أنّه يذرع الطريق (٣).
والأول من الأقوال ، هو الصحيح الذي يقوى في نفسي.
وقد روي (٤) أنّه إذا قال مملوك إنسان لغيره : اشترني ، فإنّك إذا اشتريتني ، كان لك عليّ دين شيء معلوم ، فاشتراه ، فإن كان المملوك في حال ما قال
__________________
(١) ج : اتفق العقدان.
(٢) و (٣) الوسائل ، الباب ١٨ من أبواب بيع الحيوان ، ح ١ و ٢.
(٤) النهاية : كتاب التجارة ، باب ابتياع الحيوان وأحكامه.