باب البيع بالنقد والنسية والمرابحة
من باع شيئا بنقد ، كان الثمن عاجلا ، وإن باعه ، ولم يذكر لا نقدا ولا نسية ، كان الثمن أيضا عاجلا ، فإن ذكر أن يكون الثمن آجلا ، كان على ما ذكر ، بعد أن يكون الأجل معيّنا ، محروسا بالسنين ، والأعوام ، أو الشهور ، والأيّام ، ولا يجوز أن يكون مجهولا ، ولا آجلا غير محروس ، من الزيادة والنقصان ، مثل قدوم الحاج ، ودخول القوافل ، وإدراك الغلات ، وما أشبه ذلك ، فإن ذكر شيئا من هذه الأوقات ، كان البيع باطلا في نفسه ، فإن ذكر المتاع بأجلين ونقدين مختلفين ، بأن يقول : ثمن هذا المتاع كذا عاجلا ، وكذا آجلا ، ثم أمضى البيع ، كان له أقل الثمنين ، وأبعد الأجلين هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته (١).
والصحيح من المذهب ، أنّ هذا البيع باطل ، لأنّ الثمن مجهول في حال العقد ، وكل بيع كان الثمن مجهولا في حال عقده ، فهو باطل بغير خلاف ، بين الأمة ، وسلّار من أصحابنا يذهب إلى ما اخترناه ، في رسالته (٢).
وشيخنا أبو جعفر ، قد رجع في مبسوطة ، عمّا أورده في نهايته ، واستدل على فساده ، بأن قال : فإنّ هذا لا يجوز لأن الثمن غير معيّن ، وذلك يفسد البيع (٣).
وما أورده في نهايته ، فهو خبر واحد ، لا يوجب علما ولا عملا ، أورده إيرادا لا اعتقادا.
ومتى باع الشيء بأجل ، ثم حضر الأجل ، ولم يكن مع المشتري ما يعطيه إيّاه ، جاز له أن يأخذ منه ، ما كان باعه إيّاه ، بيعا صحيحا بزيادة ممّا كان باعه إيّاه ، أو نقيصة منه ، لأنّه مال من أموال البائع بمهما شاء باعه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : فإن أخذه بنقصان ممّا باع ، لم يكن ذلك
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب البيع بالنقد والنسيئة.
(٢) المراسم : كتاب المكاسب ، ذكر البيع بالنسيئة.
(٣) المبسوط : ج ٢ ، كتاب البيوع ، فصل في بيع الغرر ، ص ١٥٩.