على ما قد أوردناه وحكيناه عنه في هذا الكتاب كثيرا.
وقال في الجزء الثاني من مبسوطة : وإذا أذن لعبده في التجارة ، فركبه دين ، فإن كان أذن له في الاستدانة ، فإن كان في يده مال ، قضى منه ، وإن لم يكن في يده مال ، كان على السيد القضاء عنه ، وإن لم يكن أذن له في الاستدانة ، كان ذلك في ذمّة العبد ، يطالب به إذا عتق ، وقد روي أنّه يستسعى العبد في ذلك (١) هذا آخر كلامه.
فعلى ما اخترناه ، من أنّ العبد إذا كان مأذونا له في الاستدانة ، يكون الدين في ذمّة مولاه على كلّ حال.
فإن مات المولى وعليه دين ، كان غرماء العبد وغرماؤه سواء ، يتحاصون ما يحصل من جهته من المال ، على ما تقضيه أصول أموالهم ، من غير تفضيل بعضهم على بعض ، لأنّ الدينين جميعا دين على المولى الذي هو السيّد ، وفي ذمته.
باب القرض وأحكامه
القرض فيه فضل كبير ، وثواب جزيل ، وقد روي (٢) أنّه أفضل من الصدقة بمثله في الثواب ، فإن أقرض مطلقا ولم يشرط الزيادة في قضائه ، فقد فعل الخير ، وإن شرط الزيادة كان حراما ، ولم ينعقد العقد ، وكان فاسدا ، والملك باقيا على المقرض ، ولم ينتقل عنه إلى ملك المستقرض ، ولا يجوز حينئذ للمستفرض أن يتصرف فيه ، ولا فرق من أن يشرط زيادة في الصفة ، أو في القدر ، فإذا لم يشرط ، ورد عليه خيرا منه ، أو أكثر ، كان جائزا مباحا ، ولا فرق بين أن يكون ذلك عادة أو لم يكن ، وإذا شرط عليه أن يردّ خيرا منه ، أو أكثر منه ، كان حراما ، على ما قدّمناه ، وإن كان من الجنس الذي لا يجوز فيه الربا ، مثل أن يقرضه ثوبا
__________________
(١) المبسوط : كتاب البيوع. فصل في العبيد.
(٢) الوسائل : الباب ٦ من أبواب الدين والقرض ، ح ١.