تحيض ، على ما بيّناه ، وحمل الحاضر والحاضرة في البلد على تلك قياس ، وهو باطل عندنا ، والأصل الزوجية ، فمن أوقع الطلاق ، يحتاج إلى دليل قاهر ، وما ذكره شيخنا خبر واحد ، أورده إيرادا لا اعتقادا ، كما أورده أمثاله ممّا لا يعمل عليه ولا يعرج عليه ولو لا إجماعنا على طلاق الغائب ، وإن كانت زوجته حائضا لما صحّ ، فلا نتعدّاه ونتخطاه.
وقد قلنا : إنّه يستحب الإشهاد على المراجعة ، فإن لم يفعل كان جائزا.
وأدنى ما يكون به المراجعة أن ينكر طلاقها ، أو يقول ما نويت الطلاق ، فيقبل قوله في الحكم ما لم تخرج من العدّة ، فإن خرجت من العدّة لم يقبل منه في الحكم.
أو يقبّلها ، أو يلمسها ، فإن بذلك أجمع ترجع إليه ، وتنقطع العدّة.
وانّما يستحب الإشهاد ، لأنّه متى لم يشهد على المراجعة ، وأنكرت المرأة ذلك ، وشهد لها بالطلاق شاهدان ، فإنّ الحاكم يبينها منه ، ولم يكن له عليها سبيل ، فإن لم يشهد في حال المراجعة ، ثمّ أشهد بعد ذلك ، كان أيضا جائزا.
ومتى أنكر الطلاق ، وكان ذلك قبل انقضاء العدة ، كان ذلك أيضا رجعة على ما قدّمناه ، فإن كان ذلك بعد انقضاء العدّة ، فلا سبيل له عليها ، ولا يقبل قوله على ما ذكرناه.
ومتى راجعها لم يجز له أن يطلّقها تطليقة أخرى طلاق العدّة ، إلا بعد أن يواقعها ، ويستبرئها بحيضة ، فإن لم يواقعها ، أو عجز عن وطئها ، وأراد طلاقها ، طلّقها طلاق السنّة ، على ما حرّرناه فيما مضى وشرحناه.
ومتى واقعها وارتفع حيضها ، وهي في سنّ من تحيض ، وأراد طلاقها ، استبرأها بثلاثة أشهر ، ثمّ يطلّقها بعد ذلك.
وإذا أراد أن يطلّق امرأة قد دخل بها ، ولم تكن قد بلغت مبلغ النساء ، ولا مثلها في السن قد بلغ ، وحدّ ذلك دون تسع سنين ، فليطلّقها أي وقت شاء ، فإذا طلّقها فقد بانت منه في الحال ، على الصحيح من المذهب.