باب بيع الديون والأرزاق
الدين لا يخلو إمّا أن يكون مؤجّلا ، أو حالا ، فإن كان مؤجلا ، فلا يجوز بيعه بغير خلاف (١) على غير من هو في ذمّته ، فامّا أن كان حالا فلا يجوز بيعه بدين آخر ، لا ممن هو عليه ، ولا من غيره بغير خلاف أيضا ، ونهى النبي عليهالسلام عن بيع الكالي بالكالي (٢) وهو بيع الدين بالدين ، ومثاله أن يسلم الإنسان في طعام أو غيره ، إلى وقت معلوم ، فإذا حلّ الأجل ، لم يجد الذي عليه ذلك طعاما ، فيبتاعه من الذي هو له ، بدين إلى أجل آخر ، ومثله أيضا ، أن يسلم الإنسان في طعام ، ولا يدفع الثمن ، بل يبقيه دينا عليه ، وما جرى مجرى ذلك.
فإن باعه ممن هو عليه بعد حلوله ، وكان ذهبا فباعه بذهب ، أو كان فضة فباعه بفضة ، أو كان فضّة فباعه بذهب ، أو كان ذهبا فباعه بفضّة ، وجب أن يقبضها في المجلس ، قبل أن يفارقه ، لأن ذلك صرف ، وإن أخذ عرضا ، جاز أن يفارقه قبل القبض ، لأنّه بيع عرض معيّن موجود مشاهد ، بثمن في الذمّة ، فأمّا إن باعه على من هو عليه نقدا ويدا ، فلا بأس بذلك ، وإن كان على غيره ، فقد قلنا ما عندنا في ذلك في باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميّت ، وبلغنا فيه إلى أبعد الغايات ، وأقصى النهايات ، وأوضحنا اعتقادنا فيه ، بما لا حاجة هاهنا إلى إعادته.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : لا بأس أن يبيع الإنسان ماله على غيره من الديون نقدا ، ويكره أن يبيع ذلك نسية ، ثمّ قال : ولا يجوز بيعه بدين آخر مثله (٣).
قال محمد بن إدريس : قوله رحمهالله ، يكره أن يبيع ذلك نسية ، لا يصحّ بل
__________________
(١) إلى هنا ينتهي سقط نسخة « ق ».
(٢) مستدرك الوسائل : كتاب التجارة ، الباب ١٥ من أبواب الدين والقرض ، ح ١.
(٣) النهاية : باب بيع الديون والأرزاق.