والشريك المأذون له في التصرّف ، مؤتمن على مال شريكه ، والقول قوله ، فإن ارتاب به شريكه ، وادّعى عليه خيانة مقدّرة ، حلف على قوله ، أعني الجاحد.
وإذا تقاسم الشريكان ، لم يقسما الدين ، بل يكون الحاصل منه بينهما ، والمنكسر عليهما ، وإن اقتسما ، فاستوفى أحدهما ولم يستوف الآخر ، لكان له أن يقاسم شريكه على ما استوفاه.
وإذا باع من له التصرّف في الشركة ، وأقرّ على شريكه الآخر بقبض الثمن ، مع دعوى المشتري ذلك ، وهو جاحد ، لم يبرء المشتري من شيء منه ، أمّا ما يخصّ البائع ، فلأنّه ما اعترف بتسليمه إليه ، ولا إلى من وكّله على قبضه ، فلا يبرء منه ، وأمّا ما يخصّ الذي لم يبع ، فلأنّه منكر لقبضه ، وإقرار شريكه البائع عليه لا يقبل ، لأنّه وكيله ، وإقرار الوكيل على الموكّل بقبض الحقّ الذي وكله في استيفائه ، غير مقبول ، لأنّه لا دليل على ذلك ، ولو أقرّ الذي لم يبع ولا أذن له في التصرف ، أن البائع قبض الثمن ، بريء المشتري من نصيب المقرّ منه بلا خلاف.
ويكره شركة المسلم للكافر بلا خلاف ، إلا من الحسن البصري ، فإنّه قال : إذا كان المسلم ، هو المتفرد بالتصرّف ، لم يكره.
إذا كان بينهما شيء ، فباعاه بثمن معلوم ، كان لكلّ واحد منهما أن يطالب المشتري بحقه ، فإذا أخذ حقّه ، شاركه فيه صاحبه ، على ما قدّمناه ، لأنّ المال الذي في ذمّة المشتري ، غير متميز ، فكلّ جزء يحصل من جهته ، فهو شركة يعد بينهما ، على ما ذكره شيخنا في نهايته (١) ، ومسائل خلافه (٢).
والذي يقتضيه أصول مذهبنا ، أنّ كلّ واحد من الشريكين ، يستحق على المدين ، قدرا مخصوصا ، وحقا غير حقّ شريكه ، وله هبة الغريم وإبراؤه منه ، فمتى أبرأه أحدهما من حقه ، بريء منه وبقي حقّ الأخر الذي لم يبرء منه بلا خلاف ، فإذا استوفاه و
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب الشركة والمضاربة ، والعبارة منقولة عن الخلاف
(٢) الخلاف : كتاب الشركة ، المسألة ١٥.