يتقدّم ظهورها سنة ، ولا يتقدّمها بأكثر من ذلك ، فإن وطأ المبتاع الأمة في مدة هذه السنة ، لم يجز له ردّها ، وكان له ما بين قيمتها ، صحيحة وسقيمة ، هذا آخر كلام شيخنا رحمهالله في مقنعته (١).
فإن قيل : المذهب مستقر ، في أنّ الخيارين للمشتري في الحيوان بمجرّد العقد ، خيار المجلس ، وخيار الثلاث ، فما يقال في رجل اشترى مملوكا؟ فهل له ردّه على بايعه ، قبل أن يحدث فيه حدثا ، في مدة الثلاثة الأيّام؟ وكذلك له أن يردّه بكل عيب يظهر فيه ، في مدّة الثلاث؟ وهل له ردّه ، بعيب يظهر بعد الثلاث ، من قبل أن يحدث فيه حدثا ، أو يتصرّف فيه؟ وهل إن تصرّف فيه ، ووجد به عيبا بعد تصرفه ، له أن يردّه أم لا؟
قلنا : جميع ما يظهر بالرقيق ، من العيوب بعد الثلاث ، وقبل التصرّف ، لا يردّ منه إلا ثلاثة عيوب ، البرص ، والجذام ، والجنون ، فإنّه يردّ عند أصحابنا ، من هذه الثلاثة عيوب ، إذا وجدت فيه ، ما لم يمض سنة من وقت الشراء ، فأمّا إن تصرّف فيه ، فلا يجوز له الردّ ، ولم يبق فرق بين الثلاثة العيوب وغيرها من العيوب بعد التصرف ، بل له الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا ، ويسقط الرد.
فإن قيل : فما بقي فرق بين الثلاثة عيوب وغيرها ، وأصحابنا كلّهم يفرّقون بين ذلك ، ويردون من العيوب الثلاثة ، ما بين الشراء وسنة.
قلنا : الفرق بين العيوب الثلاثة وغيرها ظاهر ، وهو أنّ ما يظهر من العيوب بعد الثلاثة الأيام ، وقيل التصرّف لا يرد به الرقيق ، لأنّه ظهر بعد تقضي الثلاثة الأيّام ، التي له الخيار فيها ولم يدل دليل على انها كانت فيه وقت ابتياعه إيّاه ، ولا في مدة الخيار التي هي الثلاثة الأيام ، فأمّا العيوب الثلاثة ، فإنّها متى ظهرت بعد الثلاثة الأيّام ، إلى مدة السنة من وقت البيع ، وقبل التصرّف في
__________________
(١) المقنعة : باب المتاجر ، باب ابتياع الحيوان ص ٦٠٠.