وجميع أحكام الطلاق معتبرة في الخلع ، لأنّه طلاق ، إلا أنّ في مقابلته عوضا تبذله المرأة ، لكراهتها المقام مع الزوج ، فإن قدّم لفظ الخلع وعقّب بلفظ الطلاق كان جائزا ، وإن لم يقدّم لفظ الخلع بل مجرد لفظ الطلاق في مقابلة العوض ، وقعت أحكام الخلع على كلّ حال.
فأمّا ما ذهب إليه بعض أصحابنا ، إلى أنّه يقع الفرقة بمجرد الخلع ، دون أن يتبع بطلاق ، على ما حكيناه عنهم ، فغير معتمد ، لأنّ الأصل الزوجيّة ، فمن أبانها بهذا يحتاج إلى دليل ، ولا دليل له من كتاب ولا سنّة ولا إجماع ، والأصل بقاء الزوجية.
فإن مات الرجل أو المرأة بعد الخلع ، وقبل انقضاء العدّة ، لم يقع بينهما توارث ، لأنّه قد انقطعت العصمة بينهما ، سواء كان ذلك من الرجل في حال مرضه ، أو لم يكن ، وليس هذا الحكم حكم الطلاق في المرض لا عن عوض ، وحمله على ذلك قياس ، ونحن لا نقول به ، فليلحظ ذلك.
وإلى هذا القول يذهب شيخنا أبو جعفر في استبصاره (١) ، لما توسط بين الأخبار ، ولنا في ذلك نظر.
وأمّا المبارأة ، فأحكامها أحكام الخلع سواء حرفا فحرفا إلا ما قدّمناه من الفرق الذي فرّق به أصحابنا ، فلا حاجة بنا إلى تفصيل أحكامها ، لأنّ أحكام الخلع قد فصّلناها ، فهي خلع إلا العبارة ، والفروق المقدّم ذكرها فحسب.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه : مسألة ، الصحيح من مذهب أصحابنا أنّ الخلع بمجرده لا يقع ، ولا بدّ معه من التلفظ بالطلاق ، وفي أصحابنا من قال : لا يحتاج معه إلى ذلك ، بل نفس الخلع كاف ، إلا أنّهم لم يبينوا أنّه طلاق أو فسخ (٢) هذا آخر كلامه رحمهالله.
قال محمّد بن إدريس : من ذهب من أصحابنا إلى أنّه لا يحتاج معه إلى
__________________
(١) الاستبصار : ج ٣ ، باب ان الرجل يطلق امرأته ثم يموت .. ص ٣٤٤.
(٢) الخلاف : كتاب الخلع ، المسألة ٣.