فإذا ثبت ذلك ، فيحتاج أولا أن نبيّن من يحرم نكاحه ، ثم نبيّن أقسام النكاح المباح ، وشروطه ، والأسباب الموجبة لتحريم الوطء بعد صحة العقد ، وما يتعلّق بذلك كلّه من الأحكام.
فنقول : من يحرم عليه العقد عليهن على ضربين ، أحدهما يحرم على كل حال ، والثاني يحرم في حال دون حال.
فالضرب الأول المحرّمات بالنسب ، أوهن ست ، الأم وإن علت ، والبنت وإن نزلت ، والأخت ، وبنت الأخ ، والأخت ، وإن نزلتا ، والعمّة ، والخالة وإن علتا ، بلا خلاف.
والمحرّمات بالرضاع وهن ست أيضا كالمحرّمات بالنسب ، إلا أنّ الراضع من لبن المرأة يحرم عليه كلّ من ينتسب إلى بعلها بالولادة والرضاع ، ولا يحرم عليه من ينتسب إلى المرأة إلا بالولادة دون الرضاع.
ولا يقتضي التحريم الرضاع إلا بشروط.
منها أن يكون سنّ الراضع دون سنّ المرتضع من لبنه دون الحولين ، وقد ذهب بعض أصحابنا المتأخرين في تصنيف له إلى أن قال : منها أن يكون سن الراضع والمرتضع من لبنه دون الحولين ، وهذا خطأ من قائله ، لأنّ الاعتبار بسن الراضع ، لأنّ المرأة إذا كان بها لبن ولادة حلال ، ومضى لها أكثر من حولين ، ثمّ أرضعت من له أقلّ من حولين الرضاع المحرم ، انتشرت الحرمة ، ويتعلّق عليه وعليها أحكام الرضاع بغير خلاف من محصّل.
واعتبارنا الحولين في المرتضع لدليل إجماع الطائفة ، وأيضا قوله تعالى : ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ) (١) لأنّ المراد إثبات الرضاع الشرعي الذي تتعلّق به الحرمة ، بدليل أنّه تعالى
__________________
(١) البقرة : ٢٣٣.