بعتني الشيء مجهولا ، كان القول قول من يدعي الصحة ، وعلى من ادعى الفساد ، البيّنة ، لأنّ الأصل في العقد الصحة ، فقد اتفقا على العقد ، فمن ادّعى الفساد ، فعليه الدلالة.
قال شيخنا في مسائل خلافه : إذا باع شيئا بثمن في الذمة ، أو كان البيع عينا بعين ، فقال البائع : لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن ، وقال المشتري : لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع ، فعلى الحاكم أن يجبر البائع على تسليم المبيع أولا ، ثم يجبر المشتري على تسليم الثمن ، بعد ذلك بعد أن يحضر المبيع والثمن ، ثمّ قال : دليلنا على ما قلنا ، أن الثمن انّما يستحق على المبيع ، فيجب أولا تسليم المبيع ، ليستحق الثمن ، فإذا سلّم المبيع ، استحق الثمن ، فوجب حينئذ إجباره على تسليمه ، فلا بدّ إذن ممّا قلناه ، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر رحمهالله (١).
قال محمّد بن إدريس مصنّف هذا الكتاب : لو عكس عاكس على شيخنا استدلاله ، في قوله : « إنّ الثمن انّما يستحق على المبيع » فيقول له : وكذلك انّ المبيع إنما يستحق على الثمن ، وفي مقابلته ، لأنّهما عوضان ، كل منهما يستحق في مقابلة صاحبه فلا فرق بينهما ، فلأيّ شيء يجبر أحدهما على تسليم ما يستحق عليه في مقابلة ما يستحقه ، قبل صاحبه ، فإذا لم يكن على ذلك دليل ، من إجماع أصحابنا ، ولا وردت له بذلك أخبار ، لا آحادا ولا متواترا ، فيرجع في ذلك إلى الدليل ، وهو أن يجبر الحاكم كل واحد منهما على تسليم ما قبله في مقابلة ما يستحقه معا ، ولا يجبر أولا أحدهما قبل صاحبه ، أو يستعمل في ذلك القرعة ، لأنّه داخل في قولهم عليهمالسلام : القرعة في كل أمر مشكل (٢) والأول أقوى.
باب السّلف
وهو السّلم بفتح السين واللام ، في جميع المبيعات ، السّلم بيع موصوف في
__________________
(١) الخلاف : كتاب البيوع المسألة ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(٢) الوسائل : أورد روايات بهذا المضمون في الباب ١٣ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.