المواضعة ، جاز أيضا ، فإن هلكت ، أو عابت ، نظر ، فإن كان المشتري قبضها ثم جعلت عند عدل ، فالعدل وكيل المشتري ، ويده كيده ، إن هلكت ، فمن ضمان المشتري ، وإن عابت فلا خيار له ، وإن كان البائع سلمها إلى العدل ، قبل القبض ، فهلكت في يده ، بطل البيع ، وإن عابت ، كان المشتري بالخيار (١).
قال محمّد بن إدريس وهذا الذي ذكره في معنى المواضعة والهلاك ، وهل قبضها أو لم يقبضها ، هو الصحيح ، ومسألة النهاية ، لا تصح إلا على هذا التحرير ، وإلا إذا تسلمها المشتري ، واستبرأها في يده ، بعد قبضها ، فمتى هلكت قبل مضى الثلاثة الأيام ، وقبل التصرّف فيها ، فإنّها تهلك من مال بائعها ، دون مشتريها ، وإن هلكت بعد مضي الثلاثة الأيام ، التي هي شرط في الحيوان ، أو بعد التصرّف فيها ، فإنّها تهلك من مال المشتري ، بغير خلاف ، للإجماع المنعقد من أصحابنا ، أنّ الحيوان إذا هلك في مدة الثلاثة الأيّام ، قبل تصرّف المشتري فيه ، فإنه يهلك من مال بائعه ، فإن هلك بعد ذلك ، فمن مال المشتري ، فعلى هذا يجب أن يكون الفتوى والعمل.
وقال رحمهالله في نهايته : ومن اشترى شيئا بحكم نفسه ، ولم يذكر الثمن بعينه ، كان البيع باطلا فإن هلك الشيء في يد المبتاع ، كان عليه قيمته يوم ابتاعه ، هكذا قال شيخنا أبو جعفر في نهايته (٢).
والذي تقتضيه أصول المذهب ، أنّ الشيء المبيع ، إن كان له مثل ، فعليه مثله ، لا قيمته ، وإن أعوز المثل ، فعليه ثمن المثل ، يوم الإعواز ، وإن كان المبيع ممّا لا مثل له ، فإنّه يجب عليه قيمته ، أكثر ما كانت إلى يوم الهلاك ، لأنّ هذا بيع فاسد ، والبيع الفاسد عند المحصّلين ، يجري مجرى الغصب ، في الضمان.
وان كان الشيء قائما بعينه ، كان لصاحبه ، انتزاعه من يد المبتاع ، فإن
__________________
(١) المبسوط : ج ٢ ، كتاب البيوع ، فصل في أنّ الخراج بالضمان ، ص ١٤٠.
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب الشرط في العقود.