أصحاب أبي حنيفة على صحّة ما ذهبوا إليه ، في هذه المسألة بقوله تعالى ( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) (١) قالوا : فأباح القتال عاما ، وذلك يشمل على قتالهم بدوابهم ، وسلاحهم ، وعلى قتالهم بدوابنا وسلاحنا ، قال المرتضى : وهذا قريب (٢).
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب : الصحيح ما ذهب السيّد المرتضى رضياللهعنه اليه ، وهو الذي أختاره ، وافتي به ، والذي يدلّ على صحّة ذلك ، ما استدلّ به رضياللهعنه ، وأيضا فإجماع المسلمين على ذلك ، وإجماع أصحابنا منعقد على ذلك ، وقد حكينا في صدر المسألة ، أقوال شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمهالله في كتبه ، ولا دليل على خلاف ما اخترناه ، وقول الرسول عليهالسلام : لا يحلّ ما امرء مسلم إلا عن طيب نفس منه ، وهذا الخبر قد تلقته الأمة (٣) بالقبول ، ودليل العقل يعضده ، ويشيده ، لأنّ الأصل بقاء الأملاك على أربابها ، ولا يحل تملكها إلا بالأدلة القاطعة للأعذار.
والمحارب ، هو كلّ من قصد إلى أخذ مال الإنسان ، وشهر السلاح في برّ ، أو بحر ، أو حضر ، أو سفر ، فمتى كان شيء من ذلك ، جاز للإنسان دفعه عن نفسه ، وماله ، فإن أدّى ذلك (٤) إلى قتل اللّص ، لم يكن عليه شيء ، وإن أدّى إلى قتله هو كان بحكم الشهداء ، وثوابه ثوابهم ، هذا مع غلبة ظنّه بأنّه يندفع له ، وأنّه مستظهر عليه ، وأمّا إن غلب على ظنّه العطب ، وإن اللص يستظهر عليه (٥) ، فلا يتعرض له بحال ، لأنّ التحرز من الضرر المظنون ، يجب كوجوبه من الضرر المعلوم ، فأمّا حكم المحارب ، وحده ، فسنذكره إن شاء الله تعالى في كتاب الحدود عند المصير إليه.
__________________
(١) الحجرات : ٩.
(٢) المسائل الناصريات : المصدر ما هو المذكور في المتن.
(٣) ل : الإماميّة.
(٤) ل : ذلك الدفع.
(٥) ل : مستظهر عليه. وكذا قبله.