قال محمّد بن إدريس : معنى قوله يقعان بكلّ زوجة ، يريد أنّه باين لا رجعة مع واحد منهما ، سواء كان الخلع أو المبارأة مصاحبا للطلقة الأولة ، أو الثانية ، لأنّه لمّا عدد البوائن ، ذكر ذلك.
وقال الراوندي من أصحابنا : أراد المتمتع بها.
وهذا خطأ محض ، لأنّ المبارأة لا بد فيها من طلاق ، والمتمتع بها لا يقع بها طلاق.
باب العدد
إذا طلّق (١) زوجته قبل الدخول بها ، لم يكن عليها منه عدّة ، وحلّت للأزواج في الحال ، فإن كان قد فرض لها مهرا وسمّاه ، كان عليه نصف ما فرض ، وإن لم يكن سمّى لها مهرا ، كان عليه أن يمتعها على قدر حاله وزمانه ، إن كان مؤسرا ، بجارية أو ثوب تبلغ قيمته عشرة دنانير ، أو خمسة فصاعدا ، وإن كان متوسطا ، فما بين الثلاثة الدنانير (٢) إلى ما زاد عليها ، وإن كان معسرا بدينار أو بخاتم وما أشبهه على قدر حاله ، كما قال الله تعالى ( عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) (٣) والمعتبر بالمتعة حال الرجال (٤) دون النساء ، وبمهر المثل حال النساء دون حال الرجال.
وجملة الأمر وعقد الباب ، أن يقال : العدّة على ضربين ، عدّة من طلاق وما يقوم مقامه ، وعدّة من وفاة وما يجري مجراها.
والمطلّقة على ضربين مدخول بها ، وغير مدخول بها.
فغير المدخول بها لا عدّة عليها بلا خلاف على ما قدّمناه.
والمدخول بها لا تخلو إمّا أن يكون حاملا أو حائلا ، فإن كانت حاملا فعدّتها أن تضع جميع حملها ، على ما بيّناه في أبواب الطلاق وشرحناه وحكينا
__________________
(١) ج : طلّق الرجل.
(٢) ج : دنانير.
(٣) البقرة : ٢٣٦.
(٤) ج : الرّجل.