المجهول ، فأمّا على الصحيح من المذهب ، فلا يصح هذا كله ، والضمان من أصله باطل ، لأنّه ضمان مجهول ، وقد بيّنا فيما مضى قول شيخنا ، ورجوعه عمّا ذهب إليه في نهايته ، في مبسوطة (١) ، ومسائل خلافه ، واستدل على فساده ، بأن قال : دليلنا ما روي عن النبيّ عليهالسلام ، أنّه نهى عن الغرر ، وضمان المجهول غرر ، لأنّه لا يدري كم قدرا من المال عليه. ثمّ قال رحمهالله : وأيضا فلا دليل على صحة ذلك ، فمن ادّعى صحّته فعليه الدلالة ، هذا آخر كلام شيخنا في مسائل خلافه (٢).
ومن خلى غريما لرجل من يده قهرا ، أو إكراها ، كان ضامنا لما عليه فان خلاه بمسألة وشفاعة لم يلزمه شيء ، إلّا أن يضمن عنه ما عليه ، حسب ما قدّمناه.
ومن خلّى قاتلا من يد ولي المقتول ، بالجبر والإكراه ، كان ضامنا لدية المقتول ، إلا أن يرد القاتل إلى الولي ويمكنه منه.
كفالة الأبدان عندنا تصح إلا أنّها لا تصحّ إلا بإذن من تكفل عنه. فإذا كفل بالبدن ، نظر ، فإن كان قد كفل حالا ، صحت الكفالة ، وإن كفل مؤجلا صحت ، كما نقول في كفالة المال ، وإن كفل مطلقا كانت صحيحة ، وكانت حالة ، وإلى هذا التحرير يذهب شيخنا أبو جعفر في مبسوطة (٣).
وقال في نهايته : لا يصح ضمان مال ولا نفس إلا بأجل (٤).
وقد قدّمنا معنى ذلك ، وما المقصود به.
فإذا ثبت هذا ، وهو الصحيح الحقّ اليقين ، كان للمكفول له مطالبته بتسليمه في الحال ، فإن سلّمه ، بريء ، وإن امتنع من تسليمه ، حبس حتى يسلم ، على ما قدّمناه.
وإن أحضره الكفيل ، وسأله أن يتسلمه ، فإن كان ممنوعا من تسليمه (٥) بيد
__________________
(١) المبسوط : كتاب الضمان.
(٢) الخلاف : كتاب الضمان ، المسألة ١٣.
(٣) المبسوط : كتاب الضمان ، أحكام الكفالة.
(٤) النهاية : باب الكفالات والضمانات والحوالات.
(٥) ج : من تسلّمه.