باب الإجارات
كلّ ما يستباح بعقد العارية يجوز أن يستباح بعقد الإجارة ، من إجارة الإنسان نفسه ، وعبيده ، وثيابه ، وداره وعقاره بلا خلاف ، بل الإجماع منعقد على ذلك ، والكتاب ناطق به.
والإجارة عقد معاوضة ، وهي من عقود المعاوضات اللازمة ، كالبيع.
وتفتقر صحّتها إلى شروط ، منها ثبوت ولاية المتعاقدين ، فلا يصحّ أن يواجر الإنسان ما لا يملك التصرّف فيه ، لعدم ملك ، أو إذن ، أو ثبوت حجر ، أو رهن ، أو إجارة متقدّمة ، أو غير ذلك.
ومنها أن يكون المعقود عليه من الجانبين معلوما ، فلو قال : آجرتك إحدى هاتين الدارين ، أو بمثل ما يوجر به فلان داره ، لم يصح.
ومنها أن يكون مقدورا على تسليمه ، حسا وشرعا ، فلو آجر عبدا آبقا ، أو جملا شاردا ، أو ما لا يملك التصرّف فيه ، لم يصحّ.
ومنها أن يكون منتفعا به ، فلو آجر أرضا للزراعة في وقت يفوت بخروجه ، والماء واقف عليها لا يزول في ذلك الوقت ، لم يصحّ.
ومنها أن يكون منتفعا به منفعة مباحة ، فلو آجر مسكنا أو دابة أو وعاء في محظور لم يجز ، وكانت الإجارة باطلة.
فإذا آجر الرجل داره أو دابته ، فإنّه يلزم العقد من الطرفين ، وليس لأحد منهما الخيار ، سواء افترقا من مجلس العقد ، أو لم يفترقا ، لأنّ خيار المجلس لا يثبت إلا في عقد البيع فحسب ، والإجارة ليست ببيع.
ويستحق الموجر الأجرة على المستأجر في الحال ، ولا يقف على تسليم الأعمال والفراغ منها ، بل بإطلاق العقد يستحق المؤجر الأجرة على المستأجر ، سواء كان عملا يمكن تسليمه ، أو لا يمكن تسليمه ، إلا أن يشترط المستأجر