الرجعة ، تمّمت عدّة الحرّة.
وإن كانت المتوفّى عنها زوجها حاملا ، فعليها أن تعتدّ عندنا خاصّة بأبعد الأجلين ، فإن وضعت قبل انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام ، لم تنقض عدّتها حتى تكمل تلك المدة ، وإن كملت المدة قبل وضع الحمل ، لم تنقض عدّتها حتى تضع حملها ، لإجماع أصحابنا على ذلك ، وطريقة الاحتياط ، لأنّ العدّة عبادة وتكليف تستحق عليها الثواب ، وإذا كان الثواب فيما ذهبنا إليه أوفر ، لأنّ المشقة فيه أكثر ، كان أولى من غيره ، وقوله تعالى ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (١) معارض بقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) (٢) فإذا علمنا بما ذهبنا إليه ، نكون عاملين بالآيتين معا ، والمخالف لا يمكنه العمل بآية عدّة المتوفّى عنها زوجها ، وهي الأربعة الأشهر والعشرة الأيام إذا كانت حاملا ، ووضعت قبل مضي المدة ، فيترك الآية هاهنا رأسا.
وأمّا ما يجري مجرى الموت فشيئان.
أحدهما غيبة الزوج التي لا تعرف الزوجة معها له خبرا ، ولا لها نفقة ، فإنّها إذا لم تختر الصبر على ذلك ، ورفعت أمرها إلى الإمام في حال ظهوره ، أو إلى نوابه في هذه الحال ، ولم يكن له ولي يمكنه الإنفاق ، ولا له مال ينفق عليها منه ، أنفق عليها الإمام من بيت المال ، وبعث من يتعرّف خبره في الآفاق والجهات التي سافر إلى نحوها ، فإن لم يعرف له خبر حتى انقضت أربع سنين من يوم رفعت أمرها إلى الإمام ، أمرها الإمام بالاعتداد عنه أربعة أشهر وعشرة أيام ، عدّة المتوفّى عنها زوجها ، فإن قدم وهي في العدّة قبل خروجها منها ، فهو أملك بها بالعقد الأول ، وإن جاء بعد خروجها من العدّة ، فقد اختلف قول أصحابنا
__________________
(١) الطلاق : ٤.
(٢) البقرة : ٢٣٤.