والأظهر والأصح من المذهب ، أنّ المزني بها لا تحرم أمها ولا ابنتها ، للأدلّة القاهرة من الكتاب والسنّة والإجماع ، وهذا المذهب الأخير ، مذهب شيخنا المفيد ، محمّد بن محمد بن النعمان (١) ، والسيد المرتضى (٢) ، والأول مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في نهايته (٣) ومسائل خلافه (٤) ، وإن كان قد رجع عنه في التبيان ، في تفسير قوله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ) (٥) الآية فقال : وأمّا المرأة التي وطأها بلا تزويج ، ولا ملك يمين ، فليس في الآية ما يدل على أنّه يحرم وطء أمها وبنتها : لأنّ قوله ( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ ) وقوله ( مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) (٦) يتضمن اضافة الملك ، إمّا بالعقد أو بملك اليمين ، فلا يدخل فيه من لا يملك وطيها ، غير أنّ قوما من أصحابنا ألحقوا ذلك بالموطوءة بالعقد والملك ، بالسنة والأخبار المروية في ذلك (٧) ، وفيه خلاف بين الفقهاء (٨) هذا آخر كلامه في التبيان.
والذي يدل على صحة ما اخترناه ، أنّ الأصل الإباحة ، والحظر يحتاج إلى دليل ، وقوله تعالى ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) (٩) وهما داخلتان في عموم الآية ، وقول الرسول عليهالسلام : « لا يحرّم الحرام الحلال » (١٠) ولا إجماع على ما ذهب إليه من خالف في هذه المسألة ، فلا يرجع عن هذه الأدلة بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا.
ويحرم على الأب زوجة الابن ، سواء دخل بها الابن أو لم يدخل. ويحرم
__________________
(١) في المقنعة : أبواب النكاح ، باب الرجل يفجر بالمرأة ص ٥٠٤.
(٢) في الانتصار : كتاب النكاح ، المسألة ٧.
(٣) النهاية : كتاب النكاح ، باب ما أحلّ الله من النكاح وما حرّم منه.
(٤) الخلاف : كتاب النكاح ، المسألة ٧٩.
(٥) و (٦) النساء : ٢٣.
(٧) الوسائل : الباب ٦ و ٧ و ٨ ، من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
(٨) التبيان في تفسير القرآن : ج ٥ ، ص ١٦٠.
(٩) النساء : ٣.
(١٠) الوسائل : الباب ٦ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ١٢.