ماله ، وعلم ذلك يقينا ، فله أخذ عوضه ، وإنّما النهي على طريق الكراهة والأولى والأفضل.
ومتى كان لإنسان على غيره مال دينا ، لم يجز له أن يجعله شركة ، أو مضاربة ، إلا بعد أن يقبضه ، ثمّ يعطيه إيّاه إن شاء.
باب المضاربة وهي القراض
القراض والمضاربة عبارتان عن معنى واحد ، وهو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا يتجر فيه ، على أن ما رزق الله من ربح ، كان بينهما على ما يشترطانه ، فالقراض لغة أهل الحجاز ، والمضاربة لغة أهل العراق ، ومواضعتهم.
وقيل في اشتقاقها أقوال ، وهو أنّ القراض من القرض ، وهو القطع ، ومنه قيل : قرض الفأر الثوب ، إذا قطعه ، ومعناه هاهنا ، أنّ ربّ المال قطع قطعة من ماله ، فسلّمها إلى العامل ، وقطع له قطعة من الربح.
والآخر ، أنّ اشتقاقه من المقارضة ، وهي المساواة ، ومعناه هاهنا ، أنّ من العامل العمل ، ومن ربّ المال المال.
واشتقاق المضاربة من الضرب بالمال في الأرض ، والتقليب له.
وعلى جواز ذلك ، إجماع الأمة ، والكتاب.
ومن شرط صحة ذلك ، أن يكون رأس المال ، دراهم أو دنانير معلومة ، مسلمة إلى العامل ، ولا يجوز القراض بغير الدنانير والدراهم ، من سائر العروض ، فعلى هذا لا يجوز القراض بالفلوس ، ولا بالورق المغشوش.
وتصرّف المضارب ، موقوف على إذن صاحب المال ، إن أذن له في السفر ، به أو في البيع نسية ، جاز له ذلك ، ولا ضمان عليه لما يهلك ، أو يحصل من خسران ، وإذا لم يأذن في البيع بالنسية ، أو في السفر ، أو أذن فيه إلى بلد معيّن ، أو شرط أن لا يتجر إلا في شيء معيّن ، ولا يعامل إلا إنسانا معيّنا فخالف ، لزمه الضمان ، بدليل إجماع أصحابنا ، على جميع ذلك.