الاستفهام ، لأنّه لا خلاف في صحّته أن يأتي به على ما قلناه ، وفيما عداه خلاف ، وأيضا ، فالعقد حكم شرعي يحتاج في ثبوته إلى دليل شرعي.
عقد النكاح لا يدخله خيار المجلس ، ولا خيار الشرط ، لأنّه عقد لازم من الطرفين ، فإن شرط ذلك فيه بطل الشرط ، وصح العقد.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه (١) ومبسوطة (٢) : إذا شرط ذلك بطل العقد.
قال محمّد بن إدريس : لا دليل على بطلان العقد من كتاب ولا سنّة ولا إجماع ، لأنّ العقود الشرعية إذا ضامّتها شروط غير شرعية ، بطلت الشروط وصحّت العقود ، وهذا شرط غير شرعي.
والذي يدلّ على صحّة العقد قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣) وهذا عقد يجب الوفاء به ، والذي اختاره شيخنا تخريجات المخالفين وفروعهم ، وهو مذهب الشافعي ، وأحد من أصحابنا لم يذهب إلى ذلك ، ولا ذكر المسألة في مسطور له ، ولا وردت بها رواية من جهة أصحابنا ، لا آحادا ولا تواترا ، وشيخنا لما استدل على ما اختاره ، لم يتعرض للإجماع ، ولا للأخبار ، بل لشيء أوهن من بيت العنكبوت ، ولم يتعرض لها في سائر تصنيفه ، إلا في هذين الكتابين ، لأنّهما فروع المخالفين وتخريجاتهم.
باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد
الأصل في الصداق كتاب الله ، وسنّة نبيه صلىاللهعليهوآله ، قال الله تعالى ( وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً ) (٤).
فإن قيل : كيف سمّاه الله تعالى نحلة ، وهو عوض عن النكاح؟
أجيب عنه بثلاثة أجوبة ، أحدها : اشتقاقه من الانتحال الذي هو التدين ،
__________________
(١) الخلاف : كتاب النكاح ، المسألة ٥٩.
(٢) المبسوط : ج ٤ ، كتاب النكاح ، فصل فيما ينعقد به النكاح ، ص ١٩٤.
(٣) المائدة : ١.
(٤) النساء : ٤.