يقال : فلان ينتحل مذهب كذا ، فكان قوله نحلة ، معناه تدينا.
والثاني : أنّه في الحقيقة نحلة منه لها ، لأنّ حظ الاستمتاع من كل واحد منهما لصاحبه كحظ صاحبه.
والثالث : قيل : إنّ الصداق كان للأولياء في شرع من قبلنا ، بدلالة قول شعيب حين زوج موسى ابنته ( عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ، فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ) (١) ولم يقل تأجر بنتي ثماني حجج ، فكان معنى قوله « نِحْلَةً » أي انّ الله أعطاكن هذا في شرعنا نحلة.
فإذا ثبت هذا فالمستحب أن لا يعرى نكاح عن ذكر مهر.
ومتى تولى عن ذكر المهر ، وعقد النكاح بغير ذكره ، فالنكاح صحيح إجماعا على ما قدّمناه ، لقوله تعالى ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ) (٢) معناه : ولم تفرضوا لهن فريضة ، بدلالة قوله ( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) (٣) ولا متعة لمن طلّقها قبل الدخول ، إلا التي لم يسمّ لها مهر.
والصداق ما تراضى عليه الزوجان ، ممّا له قيمة في شرع الإسلام ، ويحلّ تملكه ، قليلا كان أو كثيرا ، بلا خلاف بين المسلمين ، إلا ما ذهب إليه السيد المرتضى في انتصاره ، فإنّه قال : إذا زاد على خمسين دينارا لا يلزم إلا الخمسون (٤) والصحيح ما قدّمناه ، لأنّ هذا خلاف لظاهر القرآن ، والمتواتر من الأخبار ، وإجماع أهل الأعصار ، لأنّه لا خلاف في أن الأئمة الأطهار عليهمالسلام ، والصحابة والتابعين ، وتابعي التابعين تزوجوا بأكثر من خمسين دينارا.
ولا يجوز في المهر ما لا يحلّ تملكه للمسلم ، من خمر أو نبيذ أو خنزير ، وما أشبه ذلك ، فإن عقد على شيء من هذه المحرمات ، قال شيخنا أبو جعفر الطوسي
__________________
(١) القصص : ٢٧.
(٢) البقرة : ٢٣٦.
(٣) البقرة : ٢٣٦.
(٤) الانتصار : كتاب النكاح ، المسألة ٢٠.