ومن آجر غيره أرضا ليزرع فيها شيئا مخصوصا لم يجز له أن يزرع فيها غيره ، لقوله عليهالسلام. « المؤمنون عند شروطهم » وإذا آجرها للزراعة من غير تعيين لما يزرع ، كان له أن يزرع ما شاء ، وإذا آجرها على أن يزرع ويغرس ، ولم يعيّن مقدار كلّ واحد منهما ، لم تصحّ الإجارة ، لأنّ ذلك مجهول ، والضرر فيه مختلف.
وإذا اختلف المؤجر والمستأجر في قدر الأجرة ، فالقول قول المستأجر ، لأنّه المدّعى عليه ، زيادة غير متفق عليها ، والمؤجر المدّعي ، فعليه البيّنة ، لأنّ الرسول عليهالسلام قال : « على المدّعي البيّنة وعلى المدّعى عليه اليمين ».
وقال شيخنا في مسائل الخلاف ، في كتاب المزارعة : إذا اختلف المكري والمكتري في قدر المنفعة ، أو قدر الأجرة ، فالذي يليق بمذهبنا ، أن يستعمل فيه القرعة ، فمن خرج اسمه حلف ، وحكم له به ، لإجماع الفرقة على أنّ كلّ مشتبه يردّ إلى القرعة (١).
قال محمّد بن إدريس : وأي اشتباه في هذا ، انّما هو مدّعي ومدّعى عليه ، وهذا فقه سهل ، وليس هو من القرعة بسبيل.
والملك إذا كان بين اثنين مشتركا وما زاد عليهما ، لم يكن لأحدهما ان ينفرد بالأجرة والإجارة ، دون صاحبه ، بل يتفقان على الإجارة ، فإن تشاحا تناوبا بمقدار من الزمان.
وإذا استأجر ملكا وسكن بعضه ، جاز أن يسكن الباقي غيره بأكثر مال الإجارة ، ولا يؤجر بمثل ما قد استأجر ، اللهم إلا أن يكون أحدث فيه ، حدثا ، فإن فعل ذلك جاز له أن يؤجرها بما شاء هكذا ذكره شيخنا في نهايته (٢).
والذي تقتضيه الأدلة ، وأصول المذهب ، أنّه لا بأس أن يسكن البعض ويكري البعض بما شاء ، سواء أكراه بمثل ما استأجره ، أو أقل ، أو أكثر ، مع اختلاف الجنس ، أو مع اتفاقه ، أحدث فيها ، أو لم يحدث ، لأنّ المنافع مستحقة ، ومال من أمواله ، فله أن يستوفيها بنفسه وبغيره ، لأنّ الإنسان مسلّط على
__________________
(١) الخلاف : كتاب المزارعة : المسألة ١٠ ، إلا أنّ العبارة متقطعة.
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب الإجارات.