الإمكان ، فأمّا إذا كان راجعا من ضيعة ، أو من سفر ، فتلقى جلبا ، جاز له أن يشتريه ، لأنّه لم يتلق الجلب ، للشراء منهم.
وحدّ التلقي روحة ، وحدّها أربعة فراسخ ، فإن زاد على ذلك كان تجارة وجلبا ، ولم يكن تلقيا.
وقال شيخنا في نهايته : وأمّا التلقي ، فهو أن يستقبل الإنسان الأمتعة والمتاجر ، على اختلاف أجناسها ، خارج البلد ، فيشتريها من أربابها ، وهم لا يعلمون بسعر البلد ، فمن فعل ذلك ، فقد ارتكب مكروها ، لما في ذلك من المغالطات ، والمغابنات (١) ، وكذلك أيضا يكره أن يبيع حاضر لباد ، لقلة بصيرته ، بما يباع في البلاد ، وإن لم يكن شيء من ذلك محظورا ، لكن ذلك من المسنونات (٢).
وما ذكره في مبسوطة ، في المسألتين معا ، من أنّ ذلك محرّم (٣) ، هو الصحيح ، لأنّه نهى عليهالسلام عن ذلك ، والنهي عندنا بمجرده ، يقتضي التحريم ، في عرف الشريعة.
فإن قيل : لو كان ذلك على جهة التحريم ، لكان البيع فاسدا ، لأنّ النهي عندكم يقتضي فساد المنهي عنه ، وقد قلتم : إن البيع إذا تلقي صحيح.
قلنا : نهى عليهالسلام ، عن التلقي ، وما نهى عن نفس العقد الذي هو البيع ، فلا يتعدّى أحدهما إلى الآخر ، ولو كان النهي عن نفس البيع ، لفسد ، وانّما النهي عن التلقي.
ونهى عن الاحتكار ، والاحتكار عند أصحابنا ، هو حبس الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، والسمن ، من البيع ، ولا يكون الاحتكار المنهي عنه ، في شيء من الأقوات ، سوى هذه الأجناس ، وإنّما يكون الاحتكار منهيا عنه ، إذا كان بالناس حاجة شديدة إلى شيء منها ، ولا يوجد في البلد غيره ، فأمّا مع
__________________
(١) ل : المعاتبات.
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب الاحتكار والتلقي.
(٣) المبسوط : ج ٢ ، كتاب البيوع فصل في بيع الغرر ، ص ١٦٠.