منك أحد هذين العبدين بكذا ، أو أحد هؤلاء العبيد الثلاثة بكذا ، لم يصحّ الشراء ، وبه قال الشافعي ، ثمّ قال : دليلنا أنّ هذا بيع مجهول ، فيجب أن لا يصحّ بيعه ، ولأنّه بيع غرر ، لاختلاف قيمتي العبدين ، ولأنّه لا دليل على صحة ذلك في الشرع ، وقد ذكرنا هذه المسألة في البيوع ، وقلنا : إنّ أصحابنا رووا جواز ذلك في العبدين ، فإن قلنا بذلك ، تبعنا فيه الرواية ، ولم نقس غيرها عليها ، هذا آخر المسألة وآخر كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمهالله (١).
الا ترى إلى إيراده الأدلة الكثيرة على بطلان ذلك ، ثمّ جعله رواية ، وإن كان من جهة أصحابنا لأنّ أصحابنا قد رووا الآحاد والمتواترة ، فلا يظن ظان بشيخنا ، أنّه إذا وجد في كتبه أنّ هذا رواه أصحابنا ، أنّ جميعهم رووه ، أو كلّهم قائل به ، عامل عليه ، لأنّ ذلك يكون إجماعا أو تواترا ، وإنّما مقصوده ، أنّ هذا روي من جهة أصحابنا وطريقهم ، لا من جهة المخالفين وطرقهم. وإذا كانت الجارية بين شركاء ، فتركوها عند واحد منهم ، فوطأها ، فإنّه يدرأ عنه الحدّ ، لأنّ الحدود تدرأ بالشبهات ، هذا إذا قال اشتبه عليّ الحال ، فظننت أنّه يحلّ لكلّ منا وطؤها ، فأمّا إذا لم يقل ذلك ، ولم يشتبه عليه ، ولا ادّعاه ، بل علم أنّه لا يجوز له ، وقال : أنا عالم بذلك ، فإنّه يدرأ عنه من الحدّ ، بقدر ماله منها من الثمن ، ويضرب بمقدار ما لغيره من القيمة ، وتقوّم الأمة قيمة عادلة ، ويلزمها ، فإن كانت القيمة أقل من الثمن الذي اشتريت به ، الزم ثمنها الأول ، وإن كان قيمتها في ذلك اليوم الذي قوّمت فيه ، أكثر من ثمنها ، الزم ذلك الأكثر ، وإن أراد واحد من الشركاء الجارية ، كان له أخذها ، ولا يلزمه إلا ثمنها الذي تساوى في الحال.
هذا على ما روي في بعض الأخبار (٢) أورده شيخنا في نهايته (٣) إيرادا لا اعتقاداً.
__________________
(١) الخلاف : كتاب السلم ، المسألة ٣٨.
(٢) الوسائل : الباب ١٧ من أبواب بيع الحيوان.
(٣) النهاية : كتاب التجارة ، باب ابتياع الحيوان وأحكامه.