تعالى ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (١) يعضد ذلك ، ولا يرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا.
ولا يجوز للإنسان أن يطأ جارية قد وطأها أبوه وطئا حلالا ، ويجوز له أن يملكها وإن وطأها أبوه ، وحكم الابن في هذا حكم الأب سواء.
وقد روي أنّ الأب إذا قبّل جاريته بشهوة ، أو نظر منها إلى ما يحرم إلى غير مالكها النظر إليه من غير وطء ، حرمت على ابنه ، وكذلك الابن حكمه في هذا سواء (٢) ، وهو الذي أورده شيخنا في نهايته (٣).
وقال شيخنا المفيد في مقنعته : إنّ جارية الأب بعد التقبيل بالشهوة ، أو النظر منها إلى ما يحرم إلى غير مالكها النظر إليه ، قبل الوطء ، يحرم على ابنه ، وليس كذلك جارية الابن عند هذه الحال (٤).
والفقيه سلار قال في رسالته : لا تحرم الجارية على كلّ واحد من الأب والابن بالنظر بالشهوة ، ولا بالتقبيل (٥).
والذي يقتضيه أصول مذهبنا ، أنّ الجاريتين عند هذه الحال غير محرمتين على كلّ واحد من الأب والابن ، إذا ملكها كلّ واحد منهما ، أو وطأها وطئا شرعيا ، لقوله تعالى « أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ » (٦) وهذه ملك يمين إذا صارت إليه ، وقال تعالى ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) (٧) وهذه قد طابت ، ولا دليل يعدلنا عن هاتين الآيتين ، من كتاب ولا سنّة ، مقطوع بها ، ولا إجماع منعقد ، بل الخلاف بين أصحابنا ظاهر في ذلك ، والأصل الإباحة ، فمن ادّعى الحظر ، يحتاج إلى دليل ، ولا يرجع عن ظاهر الكتاب بأخبار الآحاد.
__________________
(١) النساء : ٣.
(٢) الوسائل : الباب ٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
(٣) النهاية : كتاب النكاح باب ما أحلّ الله من النكاح وما حرّم منه.
(٤) المقنعة : أبواب النكاح ، باب من يحرم نكاحهن من الأسباب دون الأنساب ، ص ٥٠٢.
(٥) المراسم : كتاب النكاح ، ذكر شرائط الأنكحة.
(٦) و (٧) النساء : ٣.