مما عليه ، ولا يبرأ الآخر ، لأنّه لم يبرئه ، ومتى قضى خمسمائة ، لم يقع ذلك إلا عن الخمسمائة التي تحولت إليه بالضمان ، لأنّ الخمسمائة التي عليه انتقلت عنه إلى ذمة صاحبه بالضمان ، علي ما قررناه ، هذا إذا ضمنا في حالة واحدة.
فأمّا إن ضمن أحدهما ما على الآخر ، بريء المضمون عنه ، وصار الألف جميعا لازما للضامن ، خمسمائة ، دين الأصل ، وخمسمائة دين الضمان.
فإن عاد بعد ذلك المضمون عنه ، وضمن صاحبه الأول الذي هو الضامن ، فقد تحول ، وانتقل الألف جميعا من ذمة الأول إلى ذمّة الأخير ، وعلى هذا الاعتبار ، لأنّا قد بيّنا انّ بالضمان عند أصحابنا ، ينتقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، فليس له مطالبة المضمون عنه بحال.
وأصحابنا يعتبرون في صحّة الضمان ، أن يكون الضامن مليا بما ضمن وقت الضمان ، أو غير ملي مع علم المضمون له بذلك ، فمتى كان غير ملي وقت الضمان ، ولم يعلم المضمون له حاله ، فله الرجوع على المضمون عنه.
فعلى هذا التحرير قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : من كان عليه حق فسأل غيره ضمانه عنه لصاحبه ، فضمنه ، وقبل المضمون له ضمانه ، وكان الضامن مليا بما ضمّن فقد وجب عليه الخروج إلى صاحبه مما ضمن ، وبريء المضمون عنه من مطالبة من كان له عليه ، غير أنّه يثبت له حقه على من كان ضمن عنه ، فإن أراد مطالبته بذلك ، كان له ذلك (١) ( لأنه بأمره وإذنه ضمن ، فمتى أدّى كان له الرجوع عليه ، وثبت حقّه قبله ) (٢).
ومتى تبرع الضامن ، من غير مسألة المضمون عنه ذلك ، وقبل المضمون له ضمانه ، فقد بريء عهدة المضمون عنه ، إلا أن ينكر ذلك ويأباه ، فيبطل ضمان المتبرع ، ويكون الحق على أصله ، لم ينتقل عنه بالضمان ، وليس للضامن على
__________________
(١) النهاية : باب الكفالات والضمانات والحوالات.
(٢) وما وقع في القوسين زائد على المصدر.