فأمّا الأخبار فهي آحاد ، رواتها رجال العامّة ، وهما خبران قد أوردهما شيخنا أبو جعفر في كتاب الإستبصار (١) أحدهما عن الحكم بن عتيبة وهو عامي المذهب ، والآخر عن أبي البختري ، وهب بن وهب ، وهو (٢) عامي المذهب ، كان قاضيا.
وإلحاق ذلك بإقرار بعض الورثة بوارث ، قياس وهو عندنا باطل.
وأيضا فإقرار بعض الورثة بوارث من المعلوم أنّه يستحق المقر شيئا من التركة ولا يحرمها (٣) وإقراره بالدين إقرار بأنّه لا يستحقّ منها شيئا ، إلا بعد قضائه جميعه ، فافترق الأمران.
وأيضا فما قال بهذا غير شيخنا أبي جعفر ، ومن اتبعه ، وقلّده ، والسيد المرتضى ، وشيخنا المفيد ، غير قائلين بذلك.
ومن مات وعليه دين ، يستحب لبعض إخوانه أن يقضي عنه دينه ، وإن قضاه من سهم الغارمين من الزكاة ، كان ذلك جائزا حسب ما قدّمناه.
وإذا لم يخلف الميّت إلا مقدار ما يكفن به ، سقط الدين وكفن بما خلف ، حسب ما قدّمناه ، فإن تبرع إنسان بتكفينه ، كان ما خلفه للديّان دون الورثة ، فإن انجزع (٤) عليه آخر بكفن كان للورثة دون الديان ، لأنّ الديّان لا يستحقون إلا ما خلفه الميّت ، وهذا ما خلفه.
وتحرير ذلك ، إنّ المتصدق بالكفن الثاني إن قبضه الورثة ، وتصدق به عليهم ، وإلا فهو باق على ملكه ، وهو بالخيار فيه ، لأنّ الصدقة لا يملكها المتصدق بها عليه إلا بعد قبضها ، فإذا لم يقبضها ، فهي مبقاة على ملك صاحبها ، وهذه المسألة ذكرها شيخنا ابن بابويه في رسالته (٥) وأطلق القول فيها ، وتحريرها ما ذكرناه.
وإن قتل إنسان وعليه دين ، وجب أن يقضي ما عليه من ديته ، سواء كان
__________________
(١) الاستبصار : كتاب الوصايا ، باب إقرار بعض الورثة لغيره بدين على الميت ، ح ١ و ٢ (٤٣٥ و ٤٣٦) وفي الوسائل : الباب ٢٦ في أحكام الوصايا ، ح ٥ و ٨.
(٢) ل : وهو أيضا.
(٣) ج : لا يحرّمه عليه.
(٤) ج فان تبرّع عليه آخر بكفن آخر.
(٥) لم يعثر عليه.