والأظهر الأول ، لأنّه الذي تقتضيه أصول المذهب ، لأنّ الرسول عليهالسلام ، قال : البيّنة على المدّعي ، فجعل البيّنة في جنبة المدّعى ، والشفيع هو المدّعي لتقليل الثمن ، والمشتري منكر لذلك.
وحقّ الشفعة موروث ، على الأظهر من أقوال أصحابنا ، لعموم آيات الميراث ، لأنّه إذا كان حقا للميّت ، يستحقه وارثه مثل سائر الحقوق ، لعموم الآيات ، ومن أخرج شيئا منها ، فعليه الدلالة ، وهو مذهب المرتضى ، وشيخنا المفيد في مقنعته (١) ، وجلّة أصحابنا وذهب شيخنا أبو جعفر في نهايته إلى أنّها لا تورث (٢). وكذلك ذهب في مسائل خلافه ، في كتاب الشفعة (٣) ، إلا أنّه رجع في مسائل خلافه في الجزء الثاني ، في كتاب البيوع ، إلى أنّها تورث ، كسائر الحقوق ، فقال : مسألة ، خيار الثلاث موروث ، كان لهما ، أو لأحدهما ، ويقوم الوارث مقامه ، ولا ينقطع الخيار بوفاته ، وكذلك إذا مات الشفيع قبل الأخذ بالشفعة ، قام وارثه مقامه ، هكذا في خيار الوصية ، إذا أوصى له بشيء ، ثمّ مات الموصي ، كان الخيار في القبول إليه ، فإن مات ، قام وارثه مقامه ، ولم ينقطع الخيار بوفاته ، وبه قال مالك والشافعي ، وقال أبو حنيفة : كلّ هذا ينقطع بالموت ، فلا يقوم الوارث مقامه ، وقال في البيع : يلزم البيع بموته ، ولا خيار لوارثه فيه ، وبه قال الثوري وأحمد ، دليلنا : انّ هذا الخيار ، إذا كان حقا للميت ، يجب أن يرثه ، مثل سائر الحقوق ، لعموم الآية ، ومن أخرج شيئا منها فعليه الدلالة ، هذا آخر كلامه رحمهالله في المسألة (٤).
ومن ذهب من أصحابنا إلى أنّها لا تورث ، لا حجة له ، وانّما يتمسّك بأخبار آحاد ضعيفة ، لا توجب علما ولا عملا ، فكيف يترك لها الأدلة ، والإجماع.
__________________
(١) المقنعة : أبواب المكاسب ، باب الشفعة ص ٦١٩.
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب الشفعة وأحكامها.
(٣) الخلاف : كتاب الشفعة ، المسألة ١٢.
(٤) الخلاف : كتاب البيوع ، مسألة ٣٦.