كما أنّ مدّة خيار الثلاث ، أو ما زاد عليها في البيع موروثة ، بلا خلاف بيننا ، لأنّه حقّ للميّت ، فيجب أن يورث مثل سائر الحقوق ، ولعموم آيات المواريث ، فمن أخرج شيئا منها ، فعليه الدلالة ، وبهذا استدل شيخنا أبو جعفر (١) على أنّ مدّة خيار الثلاث في البيع موروثة ، فليلحظ.
وإجارة المشاع جائزة مثل إجارة المقسوم ، سواء.
وإذا قال : آجرتك هذه الدار كلّ شهر بكذا ، صحّ على قول بعض أصحابنا ، فإن سكن أكثر من شهر ، لزمه المسمّى ، لشهر واحد ، وفيما زاد على الشهر اجرة المثل.
والذي تقتضيه أصول المذهب ، أنّ ذلك لا يجوز ، ولا يلزم المسمّى بل الجميع يستحق اجرة المثل ، لأنّه ما عيّن آخر المدّة ، والعقار يحتاج في صحّة العقد عليه أن يذكر أوّل المدّة وآخرها ، فمن شرط صحتها ذلك ، وإنّما روي في بعض الأخبار ما ذكرناه (٢).
فأمّا إن قال : آجرتك هذه الدار من هذا الوقت شهرا بكذا وما زاد فبحسابه ، فإنّه يلزمه المسمّى للشهر ، وما زاد فاجرة المثل ، فأمّا إذا قال : آجرتك هذه الدار شهرا بدينار ، ولم يعيّن الشهر ، فإنّه لا يجوز ، والإجارة باطلة ، فأمّا إذا قال : آجرتك هذه الدار من هذا الوقت سنة ، كلّ شهر بكذا ، صحّ لأنّه عيّن المدّة.
ومن أصحابنا من قال : لا يجوز أن يؤجر مدّة قبل دخول ابتدائها ، لافتقار صحّة الإجارة إلى التسليم ، واتّصال المنفعة بالعقد ، ومنهم وهم الأكثرون المحصّلون اختاروا القول بجواز ذلك ، وهو الصحيح الذي اخترناه فيما مضى ، ويعضده قوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » وقوله عليهالسلام : « المؤمنون عند شروطهم » وأمّا التسليم فهو مقدور عليه حين استحقاق المستأجر له ، وتعذره قبل
__________________
(١) الخلاف : كتاب البيوع ، المسألة ٣٦.
(٢) ولعل المراد منه هو صحيح أبي حمزة ، الحديث ١ من الباب ٨ من أحكام الإجارة من الوسائل.